السؤال
هل لو لم أقتنع بتحريم شيء، رغم وجود الأدلة (مثلا غير مقتنع بتحريم الملاكمة) لأني معتقد بفوائدها. أو مثلا سئلت عن حكمة آية في القرآن، أو حديث نبوي (مثل حديث النبي عن عورة الرجال من السرة للركبة) وقلت أنا غير مقتنع؛ لأنها لا تحدث شهوة عند النظر للرجال مثل السيدات (علما بأني لا أجرؤ على تكذيب، أو التشكيك في أي حديث للنبي، أو أي آية من القرآن، كل الموضوع أني أحب أن أعرف الحكمة أو السبب من تحريم شيء، أو كل الموضوع أني أكون غير مقتنع)
هل يعتبر ذلك كفرا؟
وهل إذا جاءت للشخص شكوك، أو تساؤلات في العقيدة، أو في الإيمان وأحب أن يستفسر، أو يفكر فيها. هل هذا أيضا كفر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمسلم يجب عليه أن يتبع أمر الله سبحانه وشرعه، لا ما تتبعه نفسه، ويمليه عليه هواه، وهذا هو مقتضى عقد الإيمان، ودين الإسلام، قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا {الأحزاب: 36}.
وقد تخفى الحكمة على المسلم، فيسلم للنص؛ روى مسلم عن رافع بن خديج، قال: كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنكريها بالثلث والربع، والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي، فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا، "نهانا أن نحاقل بالأرض، فنكريها على الثلث والربع، والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن يزرعها، أو يزرعها، وكره كراءها وما سوى ذلك".
ففي هذه القصة أنهم رأوا مصالح، ومنافع للمحاقلة، ولكن لما بلغهم التحريم سلموا له. ولا يجوز للمسلم أن يترك الحكم بدعوى عدم الاقتناع، وراجع حكم عدم الاقتناع، بالفتوى رقم: 104317.
وإن لم يقنع بفتوى المفتي، فله أن يسأل غيره.
جاء في مجموع فتاوى ابن باز: 224 - اعتبار الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة، مبني على أدلة شرعية. من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ م. ع. ص. وفقه الله آمين. ...
وأفيد فضيلتكم أن الزوج حضر عندي غير مقتنع بالفتوى المذكورة، وملتمسا فرجا من الشرع فيما وقع منه من الطلاق، ولا يخفى على فضيلتكم أن المستفتي لا تلزمه الفتوى إذا لم يقتنع بها، ويلتزم بها؛ ولهذا أفتيته بما أوضحته لفضيلتكم في كتابي المرفق بهذا رقم (802) وتاريخ 2491393 هـ بناء على أدلة شرعية قد اقتنعت بها، واقتنع بها جم غفير من السلف الصالح، واختار الفتوى بمقتضاها أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم -رحمة الله عليهما- وجماعة آخرون، كما لا يخفى، ومعلوم ما في ذلك من التسهيل، وتفريج كرب كثيرة، وليس هناك نص من كتاب، أو سنة يخالف مقتضى الأدلة المشار إليها ....انتهى.
وإذا أصيب الإنسان بوساوس أو شبهات، وسأل عنها لم يكن كافرا، بل تصرفه صحيح، ما لم يبالغ ويتنطع في الأسئلة؛ وفي الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه : ...ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال.
وراجع حكم سؤال الموسوس عن الأفكار التي تدور في عقله، في الفتوى رقم: 235090.
والله أعلم.