السؤال
ما حكم تخصيص دعاء، أو ذكر بعدد معين، حيث إني قبل النوم أقوم بالدعاء لأشياء أريدها من الله، بترتيب أمشي عليه في أغلب المرات، وأدعو جميع الأدعية ثلاث مرات، ثم بعد ذلك في النهاية أدعو الله أن يستجيب لي ثلاث مرات، ثم أقول: لا إله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين، إحدى عشرة مرة. وأقول: اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، إحدى عشرة مرة، وأقول أستغفر الله، وأتوب إليه "11" مرة، حيث إني سمعت أن لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، سبب لإجابة الدعاء -إن شاء الله- والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا، والاستغفار كذلك، فأقولها بعدد، ولكي يكون هذا العدد وترا، ولكن أكثر منه، والدعاء أقوله ثلاث مرات وترا، وأفعل هذا الشيء في ساعات الاستجابة، أو قبل النوم، أو الأيام الفاضلة، والمرجو فيها الاستجابة. وإذا أردت دعاء الله في أي وقت آخر، لحاجة معينة؛ فإني أدعو الله ثلاثا بها، وأدعو الله أن يستجيب لي ثلاثا، وأقول لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين ثلاثا، وأصلي على الرسول عليه الصلاة والسلام ثلاثا كما ذكرت سابقا، وأستغفر الله ثلاثا كما ذكرت سابقا.
فهل هذا يعد من البدع، أم إن فعلي يعد صحيحا، ولا شيء فيه؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء في الليل، مشروع في الأصل؛ لأن فيه ساعة يستجاب فيها الدعاء، كما في صحيح مسلم عن جابرـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم، يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة. وفي رواية له: إن من الليل ساعة، لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا، إلا أعطاه إياه.
قال النووي: فيه إثبات ساعة الإجابة في كل ليلة، ويتضمن الحث على الدعاء في جميع ساعات الليل، رجاء مصادفتها. انتهى.
فهذا يفيد مشروعية الدعاء في جميع ساعات الليل، وأما تحري ساعة النوم، والمواظبة عليها، فالأولى أن يكون التحري في آخر الليل؛ لما في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له. وأما مواظبتك على وقت النوم دون اعتقاد لخصوصية فيه، فالأصل جوازه، وأما التعمد لتخصيص الدعاء بهذا الوقت، وتحديد الأعداد المعينة من دون استناد للشرع، فيخشى على صاحبه من الدخول في البدع الإضافية.
فقد قال الشاطبي -رحمه الله- مبينا ما يدخل في حد البدعة: ومنها التزام الكيفيات، والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، وما أشبه ذلك، ومنها التزام العبادات المعينة، في أوقات معينة، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلته. انتهى.
وقال الإمام أبو شامة رحمه الله: ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع، بل تكون أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان، ليس لبعضها على بعض فضل، إلا ما فضله الشرع، وخصه بنوع العبادة. فإن كان ذلك، اختص بتلك الفضيلة، تلك العبادة من دون غيرها، كصوم يوم عرفة، وعاشوراء، والصلاة في جوف الليل، والعمرة في رمضان. ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلا فيه جميع أعمال البر كعشر من ذي الحجة، وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر...
والحاصل أن المكلف ليس له منصب التخصيص، بل ذلك إلى الشارع، وهذه كانت صفة عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ. من الباعث.
والله أعلم.