السؤال
أنا -والحمد لله- أطلب العلم، ولكني محتار في الفقه: هل أدرس الأحاديث من صحيح البخاري أم زاد المستنقع، وسبب ذلك التحير أني رأيت السلف من القرون الأولى لا يدرسون متنا في الفقه، بل يدرسون الحديث، فقلت لنفسي: إن سنة هذه القرون أولى بالاتباع، فسألت فقيل لي: إن المتون تهون لك الفقه، فتحفظ المسائل، والسبب الثاني أني -إن شاء الله- سألتحق بالأزهر، فأخشى إن درست الزاد أن أدرس متنا مختصرا آخر في الأزهر، فأكون ضيعت وقتا لحفظ صحيح البخاري، فأرشدوني من فضلكم، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك على طلب العلم، ويجعلك ممن تفقه في دين الله تعالى.
واعلم أن الأولى بالمبتدئ في الطلب أن يبدأ بمختصر في الفقه، كالزاد، وما أشبهه.
ولا ينبغي أن يحيرك ما تلاحظ من الفرق بين المعاصرين وبين السلف، فإن السلف كان عندهم من القدرة على فهم نصوص الوحي، والقدرة على الاستنباط منها، وفهم دلالاتها ما لا يوجد عند المعاصرين، فاحتاج المعاصرون للبدء بالمختصرات التي رتبها الفقهاء حتى يتأهل الطالب لفهم نصوص الوحي من خلال معرفته باللغة، والأصول، والقواعد الفقهية.
فإذا تأهل الطالب لفهم نصوص الوحي، فينبغي أن يجمع بين دراسة كتب الفقه، والحديث، فيستفيد من تصنيف الفقهاء، وجمعهم لمسائل كل باب على حدة، ويؤصل كلامهم، ويطلع على أدلته من خلال دراسة نصوص الوحيين، فإن كتب الفروع لا تخلو من مسألة يكون خلافها هو الراجح دليلا؛ لذلك ينبغي لمن درسها أن يبحث عن أدلة المسائل فيها، ويتحرى ما رجح دليله، وإن خالف مشهور المذهب، فكل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الأفضل في دراسة فقه الحديث أن تبدأ بكتاب العمدة للحافظ المقدسي، ثم بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، ثم منتقى الأخبار لأبي البركات ابن تيمية جد شيخ الإسلام، وهو الذي شرحه الشوكاني بكتابه نيل الأوطار، واشتغل بعد ذلك بمطالعة كتب السنة الأصول، كالصحيحين، والسنن الأربعة، والموطأ، والمسند، واحفظ ما استطعت أن تحفظ من ذلك.
والله أعلم.