من الاستدلالات الخاطئة في الترغيب في قيام الليل

0 281

السؤال

ماذا يخسر المسلم إذا ترك قيام الليل... ؟؟؟
الخسارة الأولى:
يفقد لقب عباد الرحمن: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا .... والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما)
الخسارة الثانية: يفقد لقب المتقين: (إن المتقين في جنات وعيون ...كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون)
الخسارة الثالثة: يخسر لقب القانت، وأولي الألباب (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ۗ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ۗ إنما يتذكر أولو الألباب)
الخسارة الرابعة: يخسر المقام المميز للقائمين: (ليسوا سواء ۗ من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)
الخسارة الخامسة: يخسر فرصته في إجابة الدعاء، كما منحها ربنا لزكريا: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين)
الخسارة السادسة: يخسر عناية الله به، بتحمل القول الثقيل:(...قم الليل إلا قليلا ...إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا)
الخسارة السابعة: يخسر ألا تذهب حسناته سيئاته، فمن أحد شروطها أن أقيم الصلاة زلفا من الليل: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ۚ إن الحسنات يذهبن السيئات ۚ ذلك ذكرى للذاكرين)
الخسارة الثامنة: يخسر أن لا يبعثه ربي مقاما محمودا: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)
الخسارة التاسعة: يخسر الرضى الذي وعد به ربي عز وجل:(... ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى)
الخسارة العاشرة: يخسر عناية الله التي يوليها لمن يراه قائما بالتوكل عليه: (وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين)
الخسارة الحادية عشر: يخسر الصبر لحكم الله، ولا يكون ممن يقال لهم:(فإنك بأعيننا): (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ۖ وسبح بحمد ربك حين تقوم * ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم)
الخسارة الثانية عشر: يخسر ما أخفى الله للقائمين من قرة أعين (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)
الخسارة الثالثة عشر: يخسر اتباعه لحبيبي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين معه من الصحابة (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ۚ والله يقدر الليل والنهار ۚ ...)
فهل بعد كل هذه الخسائر الفادحة، نترك سنة قيام الليل، لا يتركها إلا غافل.
هل هذا الكلام صحيح؟
حاولت أن أبحث، لكن لم أجد إجابة واضحة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن الدخن الذي عمت به البلوى، مع شيوع وسائل التواصل، تكلف بعض الناس في شأن الوعظ والتذكير، بنشر الأحاديث المكذوبة تارة، وبغرائب القصص تارة، ومن أقبح صور التكلف: التجروء على القرآن العظيم، والقول فيه بلا علم، وهذا من الموبقات المردية.

وما أكثر النصوص في الحث على قيام الليل، والترغيب فيه، فما الداعي إلى التكلف بمثل هذه الرسالة المشحونة بالاستدلالات الخاطئة، والاستنباطات البعيدة الواهية، والمقام يطول في بيان ذلك بتفصيل واستقصاء، لكن نجمل الكلام قائلين: إن من المعلوم أن قيام الليل تطوع، وغير واجب، بإجماع أهل العلم.

فما جاء من ذكر قيام الليل ضمن أوصاف عباد الرحمن، أو المتقين، لا يصح البتة نفي هذه الأوصاف الشريفة عمن لم يكن من قوام الليل، فكون ما ذكر من أوصاف المتقين، لا يقتضي أبدا أن من لم يتحل به، غير متق لله عز وجل.

وكذلك يقال إن من لم يقم الليل لا يصح أن ينفى عنه اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه نفيا مطلقا، وأقصى ما يمكن أن يقال عنه: إنه لم يتبع النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في قيامهم لليل.
ثم إن بعض الآيات المذكورة في الرسالة، ليست في شأن قيام الليل أصلا، ومنها ما هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا يشركه فيها غيره، وهو قوله تعالى: ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا {الإسراء:79}.

وأما قوله سبحانه: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين {هود:114}، فمن أعجب العجاب، الزعم بأن هذه الآية تدل على أن من لم يقم الليل (يخسر أن لا تذهب حسناته سيئاته، فمن أحد شروطها أن أقيم الصلاة زلفا من الليل) ! 

فالآية دالة على أن الحسنات كلها ماحية للخطايا (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وهذا جلي من معنى الآية، أجلى من الشمس في رابعة النهار. وفي الحديث: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

وأما قوله تعالى: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون {السجدة:17}، فهو في نعيم الجنة، لجميع من يدخلها من المسلمين، وليس خاصا بمن يقوم الليل، كما في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرءوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون {السجدة:17}.

وراجعي في فضل قيام الليل، الفتوى رقم: 158493.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة