السؤال
من نادى مسلما بكافر مازحا؛ لأن ذلك الشخص أخر الصلاة فهل يعتبر كافرا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كفر مسلما فهو كافر"؟ علما أني وقتها لم أعلم بهذا الحديث، وكانت نيتي هي توبيخه، وتخويفه؛ لأنه يؤخر الصلاة لشيء تافه، فهل أنا كافر؟
من نادى مسلما بكافر مازحا؛ لأن ذلك الشخص أخر الصلاة فهل يعتبر كافرا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كفر مسلما فهو كافر"؟ علما أني وقتها لم أعلم بهذا الحديث، وكانت نيتي هي توبيخه، وتخويفه؛ لأنه يؤخر الصلاة لشيء تافه، فهل أنا كافر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز المزاح بقولك للمسلم: يا كافر، ولا يقع الكفر بهذا، وليس معنى الحديث أن القائل يكفر ويخرج من الإسلام، بل معناه أنه رجع عليه التكفير، أي كأنه كفر نفسه لما كفر أخاه المسلم, قال في تحفة الأحوذي: فقد رجع عليه تكفيره، فالراجع التكفير لا الكفر، فكأنه كفر نفسه؛ لكونه كفر من هو مثله، ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام... اهــ.
وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): التحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم... وقيل: معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه، ومعصية تكفيره، وهذا لا بأس به، وقيل: يخشى عليه أن يؤول به ذلك إلى الكفر، كما قيل: المعاصي بريد الكفر، فيخاف على من أدامها، وأصر عليها سوء الخاتمة، وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يعرف منه الإسلام، ولم يقم له شبهة في زعمه أنه كافر، فإنه يكفر بذلك... فمعنى الحديث: فقد رجع عليه تكفيره، فالراجع التكفير لا الكفر، فكأنه كفر نفسه؛ لكونه كفر من هو مثله، ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام، ويؤيده أن في بعض طرقه: "وجب الكفر على أحدهما". اهـ.
وقال القرطبي: ...والحاصل أن المقول له إن كان كافرا كفرا شرعيا فقد صدق القائل، وذهب بها المقول له، وإن لم يكن رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه، كذا اقتصر على هذا التأويل في رجع، وهو من أعدل الأجوبة. اهـ.
والله أعلم.