السؤال
سمعت بأن الرجل إذا اشترى سلعة سعرها 400 ريال مثلا، فأعطى البائع 500 ريال، فقال له البائع: لا أملك الصرف، ثم قال: انتظرني حتى أحضر لك صرفا من جاري، ففارق المجلس، ثم عاد فأعطاه المبلغ الباقي 100 ريال، فيقول الشيخ: إن هذه الواقعة من ربا النسيئة.
أرجو منكم إيضاح هذه الفتوى بالدليل من القرآن، والسنة؛ لأن هذا الأمر يحدث معي يوميا، وأخاف من الحرام -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمسألة ما إذا اشترى المرء سلعة سعرها 400 ريال مثلا، فأعطى البائع 500 ريال ليأخذ حقه منها، وليس لدى البائع مما يقع كثيرا، وقد بينا في جملة من فتاوانا أنها ليست من الربا؛ إذ لم يقع فيها بيع نقود بنقود.
وإنما الحاصل أن المشتري لما لم يجد ما استقر في ذمته من ثمن السلعة متميزا دفع إلى البائع الخمسمائة ليميز لكل منهما حقه، حق البائع الذي هو ثمن السلعة، وحق المشتري، وهو الباقي من الخمسمائة بعد ثمن السلعة، فلم يكن هناك صرف، ولا مبادلة، فيكون الباقي بيد البائع أمانة، ووديعة، قال الحجاوي في الإقناع: ولو اشترى فضة بدينار ونصف، ودفع إلى البائع دينارين ليأخذ قدر حقه منه، فأخذه، ولو بعد التفرق صح، والزائد أمانة في يده، ولو صارفه خمسة دراهم بنصف دينار، فأعطاه دينارا صح، ويكون نصفه له، والباقي أمانة في يده ويتفرقان أي: يجوز لهما أن يتفرقا قبل تمييز النصف، ثم إن صارفه بعد ذلك للباقي له منه، أو اشترى به منه شيئا، أو جعله سلما في شيء، أو وهبه إياه جاز. انتهى.
وجاء في المجموع شرح المهذب: فرع: قال الأصحاب إذا كان معه عشرة دراهم، ومع غيره دينار يساوي عشرين، فأراد صاحب العشرة شراء نصف الدينار جاز، ويقبضه كله ليكون نصفه قبضا بالشراء، ونصفه وديعة، ثم يتفقان على كنزه، أو بيعه، وجائز أن يكون بعد القبض عند أيهما شاء.
وهذا أقرب إلى الصرف، مما ذكرته في السؤال، ومع ذلك فقد نص أهل العلم على أنه لا ربا فيه مما يفيد بالأحرى جواز المسألة المطروحة.
والله أعلم.