السؤال
ما هو حكم إطلاق لفظ المصحف أو القرآن على غير كتاب الله، كأن يقال مصحف فلان أو قرآن النحو؟
ما هو حكم إطلاق لفظ المصحف أو القرآن على غير كتاب الله، كأن يقال مصحف فلان أو قرآن النحو؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إطلاق لفظ القرآن أو المصحف مجازا على غير كتاب الله إشارة إلى غلبة الإتقان والإحكام؛ جاء في فتح المغيث للسخاوي: (الأعمش) الإمام الحافظ الثقة الذي كان شعبة يسميه لصدقه (المصحف).
وقال في فصل: مراتب التعديل: ومن صيغ هذه المرتبة كأنه مصحف. انتهى.
وقال الباجي في التعديل والتجريح, لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح: قال عبد الرحمن سألت أبي عن مسعر بن كدام إذا خالف الثوري قال يحكم لمسعر فإنه مصحف. انتهى.
وجاء في نور القبس لليغموري: وعن عيسى أخذ الخليل النحو، وأخذ عن الخليل جماعة لم يكن فيهم مثل سيبويه، وهو أعلم الناس بعد الخليل، فألف كتابه الذي سماه الناس قرآن النحو، وعقد أبوابه بلفظه ولفظ الخليل. انتهى.
وقال عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب: وقال المازني من أراد أن يعمل كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحي مما أقدم عليه وقال أيضا ما أخلو في كل زمن من أعجوبة في كتاب سيبويه ولهذا سماه الناس قرآن النحو. انتهى.
ويستأنس لذلك بقول أم المؤمنين عائشة لما سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان خلقه القرآن. رواه مسلم وأحمد واللفظ له؛ قال القاري في المرقاة: ولذا لما سئلت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن خلقه عليه الصلاة والسلام الوارد في حقه {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم: 4] فقالت: كان خلقه القرآن تعني أن كل ما فيه من خصلة محمودة كان يتصف بها وكل فعلة مذمومة فيه يجتنب عنها، ثم الاتباع بقدر المحبة وتوفيق المتابعة بأخذ كل سهمه ونصيبه وقد أشار إلى ذلك الشاطبي ـ رحمه الله ـ في وصفه للقراء:
أولو البر والإحسان والصبر والتقى ... حلاهم بها جاء القرآن مفصلا. انتهى.
فالشاطبي وصف القراء بأن أخلاقهم ما جاء به القرآن، والمقصود أنهم قاربوا ذلك فلا عصمة لمن بعد الأنبياء.
وأما عبارة مصحف فلان، فلم يزل العلماء يستعملونها تعبيرا عن المصاحف التي تخالف مصحف عثمان؛ جاء في المصاحف لابن أبي داود: باب اختلاف مصاحف الصحابة قال أبو بكر بن أبي داود: "إنما قلنا: مصحف فلان، لما خالف مصحفنا هذا من الخط أو الزيادة أو النقصان، أخذته عن أبي رحمه الله، هكذا فعل في كتاب التنزيل...
ثم قال: مصحف عمر بن الخطاب رضي الله عنه... مصحف علي بن أبي طالب رضي الله عنه... مصحف أبي بن كعب رضي الله عنه... انتهى.
ولا يعنون أنه كلامه، ولكن ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما نسخ بعضه في العرضة الأخيرة للقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر للفائدة الفتويين التالية أرقامهما: 68203، 251764.
والله أعلم.