السؤال
قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مطل الغني ظلم ...". أرجو شرحه كاملا -جزاكم الله خيرا-.
قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مطل الغني ظلم ...". أرجو شرحه كاملا -جزاكم الله خيرا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع.
ومعنى المطل: التأخير؛ أي: تأخير الغني الواجد للمال قضاء ما عليه من الدين. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: وأصل المطل المد. قال ابن فارس: مطلت الحديدة أمطلها مطلا إذا مددتها لتطول. وقال الأزهري: المطل المدافعة. والمراد هنا: تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر. والغني مختلف في تفريعه، ولكن المراد به هنا: من قدر على الأداء فأخره، ولو كان فقيرا. انتهى.
وأما معنى قوله: وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع. فقد قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: ومعناه: وإذا أحيل بالدين الذي له على موسر، فليحتل. انتهى.
وقد شرح هذا الحديث الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في شرح رياض الصالحين، فقال: قوله: ((مطل الغني ظلم)) يعني: ممانعة الإنسان الذي عليه دين عن الوفاء، وهو غني قادر على الوفاء؛ ظلم، وهذا منع ما يجب؛ لأن الواجب على الإنسان أن يبادر بالوفاء إذا كان له قدرة، ولا يحل له أن يؤخر، فإن أخر الوفاء وهو قادر عليه؛ كان ظالما -والعياذ بالله-. انتهى.
وقال أيضا في نفس المصدر: وقوله: من أحيل على مليء فليتبع. يعني: إذا كان إنسان له حق على زيد، وقال له زيد: أنا أطلب عمرا مقدار حقي. يعني مثلا زيد مطلوب 100 ريال، وهو يطلب عمرا 100 ريال، فقال: أنا أحيلك على عمرو في 100 ريال. فليس للطالب أن يقول: لا أقبل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من أحيل على مليء، فليتبع، إلا إذا كان المحول عليه فقيرا، أو مماطلا، أو قريبا للشخص لا يستطيع أن يرافعه عند الحاكم.
المهم إذا وجد مانع فلا بأس أن يرفض الحوالة، وأما إذا لم يكن مانع فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يقبل الحوالة، قال: فليتبع.
واختلف العلماء هل هذا على سبيل الوجوب، أو أن هذا على سبيل الاستحباب؟ فذهب الحنابلة -رحمهم الله- إلى أن هذا على سبيل الوجوب، وأنه يجب على الطالب أن يتحول إن حول على إنسان مليء، وقال أكثر العلماء: إنه على سبيل الاستحباب؛ لأن الإنسان لا يلزمه أن يتحول، قد يقول: صاحب الأول أهون وأيسر، وأما الثاني فأهابه، وأخاف منه، وما أشبه ذلك. لكن لا شك أن الأفضل أن يتحول إلا لمانع شرعي. انتهى.
والله أعلم.