السؤال
أب ترك أبناءه في الصغر بسبب أنه طلق أمهم، ولم يسأل عنهم ولم يزرهم في أية مناسبة لمدة 20 عاما، وكبر الأولاد، ويريدون أن يعرفوا هل يأثمون ويحاسبون إذا لم يزوروا أباهم بعد عشرين سنة، وهم لا يحبون رؤيته بسبب تركه لهم، فهل إذا لم يزوروه يعتبر ذلك من العقوق للدين، وسببا في عدم دخول الجنة؟ وما هو إثم الأب وحسابه في هذه الحالة؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب إهمال أبنائه وترك رعايتهم وتأديبهم، فذلك من تضييع الأمانة التي يأثم فاعلها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته.... والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم... متفق عليه.
ومع ذلك، فما حصل من الأب لا يبرر للأولاد هجره ومقاطعته، وعدم زيارته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 22420 ، وهي بعنوان: هجر الوالدين العاصيين يختلف عن هجر غيرهما.
وأما قولك: وهل يكون ذلك من العقوق للولدين، وسببا في عدم دخول الجنة؟ فلا شك أن العقوق وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب المهلكة، ومن أسباب عدم دخول الجنة، فقد قال الله تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله {محمد: 22ـ23}.
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير، حيث قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ـ وكان متكئا فجلس ـ فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم.
وفي الصحيحين كذلك عن جبير بن مطعم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم.
قال المناوي في فيض القدير: والمراد لا يدخل الجنة التي أعدت لوصال الأرحام، أو لا يدخلها مع اتصافه بذلك، بل يصفى من خبث القطيعة، إما بالتعذيب، أو بالعفو، وكذا يقال في نحو: لا يدخل الجنة متكبر ـ وشبهه، وهو محمول على المستحل، أو على سوء الخاتمة. انتهى.
وعلى ذلك، فلا يجوز لهؤلاء الأبناء مقاطعة أبيهم، ويجب عليهم أن يصلوه ويبروه ويحسنوا إليه طاعة لله تعالى وطمعا في دخول جنته.
والله أعلم.