واجب من اعتذر لمن ظلمه ولم يقبل عذره

0 207

السؤال

تخاصمت أنا وصديقاتي منذ نحو من سبع سنوات، وقد اعتذرت لهن حينها؛ لأنني كنت مخطئة، ولكنهن لم يقبلن مني الاعتذار، فهل ينطبق علي حكم من هجر أخاه، وأكون قد منعت من المغفرة طيلة هذا الوقت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن ما قمت به من الاعتذار لمن أخطأت في حقهن هو المطلوب شرعا، وعليك أن لا تتوقفي عن محاولة الصلح معهن، والاعتذار لهن، وطلب المسامحة منهن حتى يرضين؛ فإن هجران المسلم ومقاطعته لأخيه المسلم لا تجوز، فعليك أن تصليهن، وتبدئيهن بالسلام لتكوني خير المتقاطعين، كما جاء في الحديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض ‏هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري. فإذا فعلت ذلك فقد أديت ما عليك من عدم الهجران، وزال عنك إثمها ـ إن شاء الله تعالى ـ. ‏

هذا وننبهك إلى أن الله تعالى حرم أذية المسلم، وظلمه، وإلحاق الضرر به في نفسه، وعرضه، وماله؛ بل حرم الظلم عموما تحريما غليظا، فقال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا {الأحزاب:58}، وفي الحديث القدسي: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا... أخرجه مسلم، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.

ومن حق المظلوم ألا يتنازل عن حقه، وإن كان الأولى له أن يعفو ويصفح، لينال أجر العافين عن الناس، كما قال تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين {آل عمران:133-134}، وقال تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40}، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.

لذلك فإننا ننصح صديقاتك بمسامحتك، والعفو عنك، ولا يحرمن أنفسهن من هذا الخير الكثير، والثواب الجزيل.

ونذكرهن بما جاء في الحديث: من اعتذر إليه أخوه بمعذرة، فلم يقبلها كان عليه من الخطيئة مثل صاحب مكس. رواه ابن ماجه، وغيره، وفي رواية للطبراني: من اعتذر إليه فلم يقبل، لم يرد علي الحوض. وقد تكلم أهل العلم في سنده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة