السؤال
لماذا بر الوالدين في الدين بهذا التقديس؟ وهل السبب لتربيتهم وإنفاقهم على أولادهم؟ لا أعتقد أنه بسبب ذلك!! فلو كان الوالد يفرق بين الأبناء ولا يعدل بينهم في العطية بتاتا، وتم تذكيره بذلك، وبقي كما هو، فوصله يتم على أي أساس؟.
لماذا بر الوالدين في الدين بهذا التقديس؟ وهل السبب لتربيتهم وإنفاقهم على أولادهم؟ لا أعتقد أنه بسبب ذلك!! فلو كان الوالد يفرق بين الأبناء ولا يعدل بينهم في العطية بتاتا، وتم تذكيره بذلك، وبقي كما هو، فوصله يتم على أي أساس؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرع الحكيم قد بين ما للوالدين من مكانة بالنسبة لولدهما، وأنه يجب عليه برهما والإحسان إليهما، وامتثال أمر الله تعالى من أهم ما يقال في حكمة ذلك، وكفى بها حكمة، وأنعم بها من حكمة! عاقبتها قول الله عز وجل: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم {النساء:13}.
ولا ريب في أن تربية الوالد للولد وتعبه عليه في صغره ورعايته له، وكذا إنفاقه عليه، من أهم موجبات هذا البر، قال تعالى: واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:24}.
وهنالك أمر مهم وهو أن الوالدين سبب وجود الولد، وهو بضعة منهما، ولذلك قرن الله سبحانه حقه بحقهما، فقال: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير {لقمان:14}.
والعدل بين الأولاد في العطية واجب، فلا يجوز تفضيل أحدهم في ذلك إلا لمسوغ شرعي، كما بيناه في الفتوى رقم: 6242.
والمسألة كما ترى محل خلاف، والأكثرون من أهل العلم على خلاف ما رجحناه، وعلى كل تقدير لو جار الأب في هذه العطية ولم يعدل، ومهما أساء، فإن ذلك لا يسقط عن الولد بره، يدل على ذلك أنه مأمور ببره ولو كان كافرا جاهدا في رد ولده للكفر، كما قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا.... الآية{لقمان:15}.
وليس هنالك أعظم من الكفر، والسعي في التسبب في كفر الولد، وقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.
فيجب بر الوالد وصلته، ولا يترك ذلك من أجل دنيا فانية، هذا بالإضافة إلى أن الأب قد يكون له مسوغ بتقليده قول من ذهب إلى عدم وجوب التسوية، هذا بالإضافة إلى أنه بالدعاء والنصح بالحسنى والاستمرار في ذلك مع الصبر عليه قد يسوي بينهم، والمقصود وجوب البر بغض النظر عن أي اعتبارات.
والله أعلم.