هل يحق لولي الأمر تعزير حالق اللحية؟

0 177

السؤال

هل يحق لولي الأمر (الحاكم) أن يعزر حالق اللحية، أو من نتف الشعر الذي على خده، وعلى رقبته؟ وهل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- أو عن ولاة أمور المسلمين أنهم عزروا من فعلوا ذلك؟
وقد اطلعت على فتاواكم فلم أر في تعزير حالق اللحية شيئا، ولكن قرأت ترجيحكم تحريم حلقها، علما أني لم أطلع على نص صريح في تحريمها، ولم أطلع على وعيد في حق حالق اللحية من القرآن أو السنة، فما هو الدليل على تحريمها؟ علما أنكم على علم بتورع علماء السلف بالحكم على شيء بالتحريم إذا ما لم يكن هناك نص صريح، أو وعيد شديد.
وعذرا إذا تجاوزت حدي، ولكن ليطمئن قلبي، ولا أستطيع أن أعبر عن شكري وتقديري على سعة صدركم بالإجابة عن أسئلتنا، راجيا العلي القدير أن يجعله في ميزان حسناتكم، وأن يحفظكم ذخرا لهذه الأمة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن أجبنا الأخ السائل جوابا عاما عن مسألة إلزام الحاكم رعيته بالعمل برأي معين من آراء المجتهدين، وتعزير المخالف، وذلك في الفتوى رقم: 313717.

وأما ثبوت التعزير في حلق اللحية، أو نتفها عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أحد من خلفائه الراشدين، فينبغي السؤال بالأصالة عن حصول الحلق في عهدهم ابتداء؛ لأنا لا نعلم أن أحدا من المسلمين في ذلك العصر كان يحلق لحيته بالكلية، أو ينتفها، بل هذا لم يكن معهودا في العصور القريبة، فضلا عن العهد النبوي والراشدي؛ قال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: إعفاء اللحية يعني إرخاؤها، وإطلاقها، وتركها على ما هي عليه، هذا من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وعلى استحسانها، وعلى أنها من علامة الرجولة، بل ومن جمال الرجولة.

وعلى هذا؛ فلا يجوز للإنسان أن يحلق لحيته، فإن فعل فقد خالف طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وعصى أمره، ووقع في مشابهة المشركين والمجوس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المجوس أو المشركين؛ وفروا اللحى، وحفوا الشوارب".

ولم يكن الناس يعرفون هذا، يعني لم يكن المسلمون يعرفون حلق اللحية، بل كان بعض الولاة الظلمة إذا أرادوا أن يعزروا شخصا حلقوا لحيته، وهذا حرام عليهم؛ لأنه لا يجوز التعزير بمحرم، لكن يقاس به أنهم كانوا يعدون حلق اللحية مثلة، وتعزيرا، وعذابا.

أما بعد أن استعمر الكفار ديار المسلمين في مصر، والشام، والعراق، وغيرها، وأدخلوا على المسلمين هذه العادة السيئة، وهي حلق اللحية، صار الناس لا يبالون بحلقها، بل كان الذي يعفي لحيته مستنكرا من بعض البلاد الإسلامية، وهذه لا شك أنها معصية للرسول صلى الله عليه وسلم، ومن يعص الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله، ومن يطع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله. اهـ.

وقد نص بعض أهل العلم على تأديب من حلق لحيته؛ قال الحطاب المالكي في (مواهب الجليل): حلق اللحية لا يجوز، وكذلك الشارب، وهو مثلة وبدعة، ويؤدب من حلق لحيته أو شاربه. اهـ.

وأما بالنسبة لأدلة تحريم حلق اللحية فعمادها هو الأمر النبوي بإعفائها، وراجع ذكر طرف منها في هاتين الفتويين: 56475، 2711.

وقد أحلنا في الفتوى رقم: 135782 على أحد الكتب التي أفردت هذه الأدلة بالتصنيف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة