السؤال
أود أن أسأل عن حكم من نذر أن يذبح خروفين في تاريخ محدد من السنة يصادف ذكرى الزواج، وحدثت ظروف كان من الصعب أن يلتزم بالتاريخ المحدد؛ هل يجب أن يؤجل النذر إلى موعد ذكرى الزواج في السنة التالية أم يقوم بالذبح عند تمكنه من ذلك؟ وهل يوجد عليه كفارة نتيجة التأخير؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن الذبح يقع على وجه القربة فيكون عبادة لله تعالى، ويقع على سبيل العادة كالذبح لأجل الأكل فيكون مباحا وليس عبادة، فإن كنت نويت بالذبح الذي نذرته التقرب إلى الله تعالى فإنك تكون نذرت عبادة ويلزمك الوفاء بها؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من نذر أن يذبح ذبيحة في وقت معين ويوزعها على المحتاجين، فإنه يجب عليه أن يفي بنذره في ذلك الوقت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ولا يجزيه دفع القيمة للفقراء عن ذبح الذبيحة التي نذرها لهم ... اهـ.
وإذا فات الزمن الذي عينته للنذر لم يسقط، بل تذبح في غيره، ولا يلزمك انتظار مثل وقته من السنة التالية، وتلزمك كفارة يمين بسبب التأخير في المفتى به عندنا، وانظر الفتوى رقم: 307429.
وإن كنت نذرت الذبح لا للقربة بل لمجرد الأكل أو نحوه مما هو مباح، فالنذر المباح غير منعقد، ولا يجب به شيء على الناذر، وإلى هذا ذهب الحنفية، وبعض المالكية، وهو مذهب الشافعية، وهو المفتى به عندنا، وراجع الفتوى رقم: 194865.
ويرى بعض الفقهاء أنه نذر منعقد وصحيح، إلا أنه لا يلزمه الوفاء به، بل يخير فيه بين الفعل والترك، وإليه ذهب بعض المالكية، وهو مذهب الحنابلة، ولو أخذت بهذا القول خروجا من الخلاف وإبراء للذمة لكان أحوط. فعلى هذا القول؛ لك أن تعدل عن الذبح وتكفر كفارة يمين، ولك أن تذبح وتكفر كفارة يمين أيضا عن التأخير؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- فيمن نذر أن يذبح: هل أنه نذر أن يذبح هذه الذبيحة أضحية أو مجرد ذبيحة للأكل، فإن كان الأول -أي: نذر أن يذبح ذبيحة أضحية في عيد الأضحى- فإن النذر يكون حينئذ عبادة يجب عليه أن يوفي به في وقته، ولا يجوز له تأخيره عنه، فإن أخره فإن عليه كفارة يمين لتأخيره النذر عن وقته، ويلزمه القضاء. وأما إذا كان النذر لمجرد التمتع بأكله فهو نذر مباح؛ إن شاء أنفذه في أي وقت كان إذا لم يقيده بوقت معين، وإن شاء لم ينفذه ولكن يكفر في هذه الحال كفارة يمين، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، وفي هذا مخير، والإطعام إما أن يجمع المساكين على غداء أو عشاء، وإما أن يفرق عليهم طعاما يكون الصاع لأربعة أنفس، ويحسن أن يجعل معه شيئا مما يحسنه من إدام، والكسوة ثوب وغترة وطاقية حسب العرف مما يسمى كسوة، وعتق الرقبة معروف، فإن لم يجد -يعني: لم يجد دراهم يحصل بها على الطعام والكسوة والعتق- أو وجد ولكن إذا لم يجد فقراء ولا رقبة، فإنه يصوم ثلاثة أيام متتابعة، ولا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام والكسوة؛ لأن الله تعالى ذكر الثلاثة جميعا ثم قال: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام). اهـ.
والله تعالى أعلم.