السؤال
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من دل على خير فله أجر فاعله". رواه مسلم.
فهل من دل إنسانا مثلا على قيام الليل، وكان الشخص الدال لا يقوم الليل، فهل يتساوى أجره مع من عمل بنصيحته واستيقظ لصلاة الليل؟
أيضا: أيهما أعظم أجرا ناشر العلم أم طالبه -أقصد من ينشر دروسا علمية على الإنترنت فيشاهدها مئات وربما آلاف الناس أم العالم الذي يعطي دروسا علمية لكن لا يحضر مجلسه إلا عدد قليل-؟
وجزاكم الله خيرا، وأسألكم الدعاء لي وللمسلمين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي مسعود الأنصاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله". وقد اختلف العلماء في المراد بحقيقة المثلية المذكورة في الحديث؛ فمنهم من ذهب إلى أن الدال كالفاعل في حصول مطلق الأجر لا المساواة، ومنهم من ذهب إلى القول بظاهر الحديث من أن الدال له مثل أجر الفاعل حقيقة.
جاء في التنوير شرح الجامع الصغير: "قال الأبي: ظاهر الحديث المساواة، وقاعدة الشريعة أن الأجر على قدر المشقة؛ إذ مشقة من أنفق عشرة دراهم ليس كمن دل، ويدل عليه أن من دل إنسانا على قتل آخر يعزر ولا يقتص منه. انتهى".
وفي شرح السيوطي على مسلم: "قال النووي: المراد أن له ثوابا كما لفاعله ثوابا، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء. انتهى. وذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور في هذا الحديث ونحوه إنما هو بغير تضعيف. واختار القرطبي أنه مثله سواء في القدر والتضعيف، قال: لأن الثواب على الأعمال إنما هو بفضل من الله، فيهبه لمن يشاء على أي شيء صدر منه، خصوصا إذا صحت النية التي هي من أصل الأعمال في طاعة عجز عن فعلها لمانع منعه منها فلا بعد في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل أو يزيد عليه". اهـ.
وعلى هذا؛ فالمدار على صحة نية الدال على الخير، فعلى قدر صدقه وإخلاصه يعظم أجره.
وكما قال المناوي: "بل قد يكون أجر الدال أعظم، ويدخل فيه معلم العلم دخولا أوليا". التيسير بشرح الجامع الصغير.
وكلما ازداد عدد المنتفعين بعلم العالم أو ناشر العلم ازداد أجره بإذن الله جل وعلا، مع الأخذ في الاعتبار أن الناس يتفاضلون في أجرهم كذلك على حسب إخلاصهم وصدقهم، وهذا لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
وانظر الفتوى رقم: 223375.
والله أعلم.