السؤال
إلى مشايخنا الكرام:
هنا فلبيني كان كافرا، وقتل أحد أبناء جنسيته ومن نفس الملة، وقبض عليه وأودع الحبس، وأثناء أشهر حبسه الأولى أرسل الله له من يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وحسن إسلامه، ونحن نقول ذلك من واقع متابعة من حيث لا يعلم، ومن مرافقين له في السجن من نزلاء وسجانين، وقد حكم عليه بالسجن 9 سنوات، ومبلغ 200000 مائتي ألف ريال.
السؤال -يا مشايخنا الكرام-: هل يدخل تحت بند الغارمين المستحقين للزكاة بما أنه ينطبق عليه ثلاثة من شروط الاستحقاق:
1- أنه من الغارمين.
2- أنه من الفقراء.
3- أنه من أبناء السبيل؛ حيث إنه إن لم يدفع الدية المطلوبة، فلن يخرج من السجن حتى لو انقضت مدة الحكم.
فما ترون فيه؟ لأن أكثر الجمعيات، وصندوق الزكاة، يرون أن دية قاتل العمد لا تجوز المشاركة فيها من بند الزكاة؛ لأنها تجب على القاتل وعاقلته.
لكن الحالة المذكورة عامل، وليس لديه ما يمكنه من الدفع، وليس له عاقلة تساعده.
فنأمل الحصول منكم على فتوى بجواز مساعدته.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 17648 أن القاتل عمدا المعسر يعطى من الزكاة لأداء الدية إذا تاب؛ وجاء في فتاوى الشيخ/ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى-: أما الدية التي يحكم بها على الجاني لكون القتل عمدا: فتجب عليه في ماله حالة، وتكون من ضمن الديون التي في ذمته، إن كان موسرا لزمه الوفاء، وإن كان معسرا فنظرة إلى ميسرة، وإن أيسر ببعض قسطت عليه حسب حاله، ويسوغ أن يدفع له في حالة إعساره من الزكاة ما يوفى به هذه الدية، لأنه من الغارمين، الذي هم أحد أصناف أهل الزكاة الثمانية. اهـ.
وقال الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في القاتل عمدا إذا رضي أولياء المقتول بأخذ الدية وكان فقيرا، قال: وفي هذه الحال هل يجوز أن ندفع عنه من الزكاة؟ الجواب: نعم؛ لأنه داخل في عموم قوله تعالى: {والغارمين} وهو غارم، ولكن يجب أن يتوب إلى الله مما صنع، فإذا علمنا توبته فإننا نقضي دينه من الزكاة. اهـ.
وكونه غرم في حال كفره هذا لا يمنع إعطاءه من الزكاة ما دام قد أسلم، وقد سئل الشيخ/ ابن باز -رحمه الله تعالى- كما في مجموع فتاواه: هل يعطى من دخل في الإسلام حديثا من أموال الزكاة إذا كان عليه ديون ربوية قد اجتمعت عليه عندما كان كافرا؟ فأجاب بقوله: يعطى من الزكاة؛ لأنه غارم، يعطى من الزكاة ما دام أنه أسلم؛ لأنه فقير غارم، ويعطى من الزكاة؛ لقضاء دينه مطلقا. اهـ.
كما يجوز إعطاؤه من الزكاة أيضا من سهم المؤلفة قلوبهم إذا كان ضعيف الإسلام ويرجى بإعطائه من الزكاة تثبيته عليه؛ جاء في المنهاج من كتب الشافعية: والمؤلفة: من أسلم ونيته ضعيفة، أو له شرف يتوقع بإعطائه إسلام غيره، والمذهب أنهم يعطون من الزكاة ... اهـ.
والله تعالى أعلم.