السؤال
الواقدي وسيف بن عمر التميمي كذابان في رواية الحديث، أما في السير والمغازي فالعلماء ينقلون رواياتهم، فهل هم حجة أيضا فيها أم متروكان كما في رواية الحديث؟.
الواقدي وسيف بن عمر التميمي كذابان في رواية الحديث، أما في السير والمغازي فالعلماء ينقلون رواياتهم، فهل هم حجة أيضا فيها أم متروكان كما في رواية الحديث؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخبار الواقدي وسيف بن عمر التميمي لا تقبل إلا بعد التثبت منها، سواء في علم الحديث أم في التاريخ، لتتابع كلام أئمة الجرح والتعديل على تضعيفهما، ولكن لا تهمل أقوالهما كما جرى على ذلك عمل كثير من المحققين الذين كتبوا في التاريخ والسير كابن كثير والذهبي وابن حجر، وقبل هؤلاء وبعدهم، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في منهاج السنة: وكثير من الناس لا يحتج بروايته المفردة إما لسوء حفظه وإما لتهمة في تحسين الحديث، وإن كان له علم ومعرفة بأنواع من العلوم، ولكن يصلحون للاعتضاد والمتابعة كمقاتل بن سليمان ومحمد بن عمر الواقدي وأمثالهما، فإن كثرة الشهادات والأخبار قد توجب العلم، وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا حتى يحصل العلم بمخبر الأخبار المتواترة وإن كان المخبرون من أهل الفسوق إذا لم يحصل بينهم تشاعر وتواطؤ، والقول الحق الذي يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله وإن لم يقبل بمجرد إخبار المخبر به. انتهى.
وقال أيضا في مجموع الفتاوى: ومعلوم أن الواقدي نفسه خير عند الناس من مثل هشام بن الكلبي وأبيه محمد بن السائب وأمثالهما، وقد علم كلام الناس في الواقدي، فإن ما يذكره هو وأمثاله إنما يعتضد به ويستأنس به، وأما الاعتماد عليه بمجرده في العلم، فهذا لا يصلح. انتهى.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: والواقدي عنده زيادات حسنة وتاريخ محرر غالبا، فإنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق في نفسه مكثار. انتهى.
وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ في سير أعلام النبلاء: قد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، أما في الفرائض فلا ينبغي أن يذكر، فهذه الكتب الستة، ومسند أحمد، وعامة من جمع في الأحكام، نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء، بل ومتروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئا، مع أن وزنه عندي أنه ـ مع ضعفه ـ يكتب حديثه ويروى، لأني لا أتهمه بالوضع، وقول من أهدره، فيه مجازفة من بعض الوجوه، كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه: كيزيد، وأبي عبيد، والصاغاني، والحربي، ومعن، وتمام عشرة محدثين، إذ قد انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة، وأن حديثه في عداد الواهي رحمه الله. انتهى.
وقال ابن حجر في تقريب التهذيب: سيف بن عمر التميمي صاحب كتاب الردة، ويقال له الضبي، ويقال غير ذلك الكوفي ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ، أفحش ابن حبان القول فيه. انتهى.
وقال عبد الله الجديع في تحرير علوم الحديث: ومن تأمل الكتب العتيقة المدونة في هذه الأبواب، وجد الوهاء سمة مؤلفيها، ككتب محمد بن عمر الواقدي، وسيف بن عمر الضبي في السير والمغازي، وتفسير الكلبي، ومقاتل بن سليمان. انتهى.
وقد تكلمنا على هذه المسألة بشيء من التفصيل في الفتويين رقم: 308521، ورقم: 256546.
والله أعلم.