السؤال
أنا في السادسة عشرة من عمري، وأفكر كثيرا إذا ما توفي أي من أقاربي أو أصدقائي، فلن أستطيع أن أتحمل ذلك مطلقا، وأشعر أن هذا من الممكن أن يؤثر على عبادتي؛ لأنني سأكون دائمة التفكير، والحزن الشديد لأجل ذلك الأمر؛ فأصبحت أدعو الله بأن يتوفاني وهو راض عني، وأن أدخل الفردوس بإذن الله قبل أن يتوفى أي من أحبائي. وأنا غير مكتئبة في حياتي ولله الحمد، ولا أشعر بالتشاؤم وما شابه ذلك، ولكني فقط لا أريد أن أكون موجودة عندما يتوفى أي شخص اعتدت على تواجده في حياتي، وخاصة الأقرباء مني.
فهل يجوز لي أن أدعو بذلك الدعاء؟
وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع، فقد استفدت منه الكثير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن موت القريب أو الحبيب مصيبة، ولكنها مصيبة دنيوية، وليست مصيبة أخروية في الأصل، وإذا كان الشرع قد جاء بالنهي عن تمني الموت لضر دنيوي نزل ووقع، فكيف بضر لم ينزل أصلا، وإنما يخاف من نزوله، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. اهــ.
قال الحافظ في الفتح: وقوله: من ضر أصابه. حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي، فإن وجد الضر الأخروي بأن خشي فتنة في دينه، لم يدخل في النهي. ويمكن أن يؤخذ ذلك من رواية ابن حبان: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا. اهــ.
فلا يجوز لك أيتها السائلة أن تدعي بأن يتوفاك الله تعالى لمجرد أنك تخافين أن يموت قبلك أحد ممن تحبين، ولتعلمي -وأنت في مقتبل العمر- أن هذه الحياة دار اختبار وابتلاء، وأن الله تعالى يبتلي عباده ويختبرهم بالضراء والسراء، كما قال عز وجل: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين.{ سورة البقرة : 155 }، وكما قال تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور. {سورة آل عمران: 186}.
فلتوطني نفسك على هذا، وعلى الصبر على أقدار الله عز وجل.
والله أعلم.