السؤال
منذ صغري وأنا أصوم رمضان، ثم أصوم بعده 6 من شوال، وأحيانا ذي الحجة، ولم أكن أقضي ما علي بسبب جهلي بوجوب القضاء أولا، ثم فيما بعد كنت أجمع نية القضاء ونية صيام شوال، وأحيانا كنت أصوم شوال وأقوم بتأجيل القضاء حتى يدخل رمضان قبل قضاء ما علي، والآن أدركت جهلي وتفريطي، وبدأت بقضاء كل الأيام الفائتة، فإذا مت قبل أن أكمل ما علي من صيام، فهل يجزئ صيام التطوع الذي كنت أصومه سابقا؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد دل الشرع على أن من مات وقد نقص شيئا من فريضته ـ سواء كانت صياما أو صلاة ـ فإن النقص يكمل من تطوعه، فيؤخذ من التطوع ما يكمل به نقص الفريضة، ففي مسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي ـ واللفظ له ـ من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما يحاسب به العبد بصلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، قال همام: لا أدري هذا من كلام قتادة أو من الرواية: فإن انتقص من فريضته شيء قال: انظروا, هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل به ما نقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على نحو ذلك.
قال في عون المعبود: قال العراقي في شرح الترمذي: هذا الذي ورد من إكمال ما ينتقص العبد من الفريضة بما له من التطوع، يحتمل أن يراد به ما انتقص من السنن والهيئات المشروعة المرغب فيها من الخشوع والأذكار والأدعية وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله في الفريضة، وإنما فعله في التطوع، ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأسا فلم يصله فيعوض عنه من التطوع، والله تعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضا عن الصلاة المفروضة ولله سبحانه أن يفعل ما شاء، فله الفضل والمن، بل له أن يسامح وإن لم يصل شيئا لا فريضة ولا نفلا. اهـ.
ولا يجوز التقصير في قضاء الفرض اتكالا على أنه سيكمل نقصه من التطوع، لا سيما وأن من العلماء من يرى أن إكمال نقص الفريضة من التطوع، إنما هو في حق غير من تركها متعمدا، قال الحافظ ابن عبر البر في التمهيد: أما إكمال الفريضة من التطوع: فإنما يكون ذلك ـ والله أعلم ـ فيمن سها عن فريضة فلم يأت بها أو لم يحسن ركوعها ولم يدر قدر ذلك، وأما من تعمد تركها أو نسي ثم ذكرها، فلم يأت بها عامدا واشتغل بالتطوع عن أداء فرضه وهو ذاكر له، فلا تكمل له فريضته تلك من تطوعه، والله أعلم. اهـ.
فاجتهدي ـ أيتها الأخت السائلة ـ في قضاء ما عليك من الصيام، وأما الأيام التي صمتها بنية القضاء ونية صيام ستة شوال، فالمفتى به عندنا أنها تقع عن القضاء، كما في الفتوى رقم: 41144.
ويرجى أن تنالي أيضا ثواب صيام الست، وانظري الفتوى رقم: 232216.
ولمزيد فائدة راجعي الفتوى رقم: 57219.
والله أعلم.