حكم نسبة التشريع الديني إلى الرسل

0 180

السؤال

ما حكم نسبة تأسيس الشرائع (الديانات) إلى الرسل؟ فكما تعلمون دين الأزل واحد وهو الإسلام، أما الشرائع أو الديانات فتختلف من رسول إلى آخر.
حسب ما أعرف الشرع الديني من عند الله، ولكن ما حكم القول بأن رسولا أسسه. هل هو شرك وغلو أم لا بأس بذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الشريعة كما قال ابن حزم رحمه الله: هي ما شرعه الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في الديانة، وعلى ألسنة الأنبياء عليهم السلام قبله. انتهى.

فالله تعالى هو المشرع حقيقة، والرسول صلى لله عليه وسلم يبلغ شرعه، وهذا لا ينفي أنه صلى الله عليه وسلم له حق التشريع استقلالا، كما يشير إليه حديث المقداد بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل ما حرم الله. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.

لكن ينبغي التنبه إلى أمرين:

أولا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ في التبليغ عن الله تعالى، كما قال تعالى: وما ينطق عن الهوى {النجم:3}.

والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لا يشرع إلا ما يريده الله تعالى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 138538

وأما القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مؤسس الشرع والدين، وإن كان ليس شركا بالله تعالى، إلا أنه ليس صوابا، وينبغي أن يسند ذلك إلى الله تعالى، لا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.

 قال الدكتور بكر أبوزيد في كتابه معجم المناهي اللفظية: في مادة (شرع ) من كتب اللغة مثل: لسان العرب، والقاموس، وشرحه، وتاج العروس: أن الشارع في اللغة هو العالم الرباني العامل المعلم، وقاله ابن الأعرابي، وقال الزبيدي أيضا في تاج العروس:( ويطلق عليه صلى الله عليه وسلم لذلك، وقيل: لأنه شرع الدين أي أظهره وبينه) اهـ.

وفي: (( فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 7/ 413) قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( صاحب الشرع )).

وأما في لغة العلم الشرعي، فإن هذا المعنى اللغوي لا تجد إطلاقه في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في حق عالم من علماء الشريعة المطهرة. فلا يقال لبشر: شارع، ولا مشرع. وفي نصوص الكتاب والسنة إسناد التشريع إلى الله تعالى، قال الله تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك...} الآية [ الشورى: 13]. وعن ابن مسعود-رضي الله عنه- قال: (( إن الله شرع لنبيكم سنن الهدى)) رواه مسلم وغيره.

لهذا فإن قصر إسناد ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، أخذ في كتب علماء الشريعة على اختلاف فنونهم، صفة التقعيد، فلا نرى إطلاقه على بشر حسب التتبع، ولا يلزم من الجواز اللغوي، الجواز الاصطلاحي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات