هل يلحق اللعن من هذبت حواجبها أخذا بقول من أجاز ذلك

0 217

السؤال

هل يجوز أن آخذ برأي من يرى أن تهذيب الحواجب جائز لغير المتزوجة؟ بحثت كثيرا في حكم النمص وصادفني الاختلاف الكبير الذي يوجد حيث في بداية بحثي وجدت من حرم الأخذ من الحاجب ولو شعرة، لما في ذلك من تغيير خلق الله، وفيه طرد من رحمة الله، وهناك من أجاز تهذيب الحاجب لقول ابن الجوزي بشرط أن لا يكون فيه تدليس أو شعار للفاجرات أو تغيير لخلق الله كنزعه تماما أو ترقيقه تماما، وعلماء المالكية الذين أجازوه إلا للمعتدة أو التي تحرم في حقها الزينة، وبعض علماء الأزهر من المعاصرين أجازوا التهذيب، ففي البداية كنت سأترك فعل ذلك مع أنني لم أقتنع بحجتهم خوفا من اللعن، لكنني عند مواصلة البحث في الحكم وجدت اختلافا كبيرا في معنى النمص، وقرأت فتوى من أجازوا التهذيب واطمأن قلبي لقولهم، لأن حاجبي عريض جدا خاصة من الجهة المعاكسة للأنف حوالي 1سم ونصف، ويكاد يصل جفن عيني المتحرك، وهو ليس بداكن اللون ولكنه مشوه بالنسبة لي، وبما أنني سبق وأن أخذت منه، فالشعرات النابتة مشوهة أكثر، لذلك تيسر لي الأخذ بقول من يجيز تهذيب الحاجب من باب اليسر... لكن موضوع اللعن يخوفني، فهل يجوز لي اتباع أقوال من أجازوا التهذيب؟ وإذا كان التهذيب حراما في الآخرة، فهل سأعاقب وأطرد من رحمة الله؟ وهل هذا يعد من تتبع الرخص المذموم؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس لك أن تقدمي فتوى جهة على أخرى من جهات الإفتاء لمجرد موافقة الهوى، وإنما ينبغي عليك عند اختلاف المفتين أن تقدمي قول من تظنينه أقرب لإصابة حكم الشرع من حيث علمه وأمانته، سواء كان قوله أشد أو أيسر وراجعي الفتوى رقم: 162707.

ومذهب جمهور الفقهاء في النمص جوازه للمتزوجة بإذن الزوج، وتحريمه على غير المتزوجة، والذي نختاره من أقوال العلماء المنع مطلقا، سواء أذن الزوج أو لم يأذن، ولو بنية التزين للزوج، اللهم إلا أن تكون كثافة الحاجب قد بلغت حدا مشوها للخلقة، وخرجت عن المعتاد، فلا حرج حينئذ في تخفيفه بالقدر الذي يزول به هذا التشوه ولا يتعداه، وانظري الفتويين: 175407، 194513.

ولا يكون معيار التشوه للحواجب الكثيفة باعتبار ما شاع في أوساط النساء المتنمصات، فلا يصلح أن يكون فعلهن معيارا في ذلك. 

وأما سؤالك: إذا كان التهذيب حراما في الآخرة، فهل سأعاقب وأطرد من رحمة الله؟ فنقول: الطرد من رحمة الله ـ وهو اللعن ـ ليس كلعن الكفار الذين يخلدون في النار، كما أن العاصي الموحد قد يسلم من اللعن، لتوقف اللعن على وجود شرط وانتفاء موانع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: حيث قدر قيام الموجب للوعيد، فإن الحكم يتخلف عنه لمانع، وموانع لحوق الوعيد متعددة: منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية للسيئات ومنها بلاء الدنيا ومصائبها، ومنها شفاعة شفيع مطاع، ومنها رحمة أرحم الراحمين، فإذا عدمت هذه الأسباب كلها ولن تعدم إلا في حق من عتا وتمرد وشرد على الله شراد البعير على أهله، فهنالك يلحق الوعيد به، وذلك أن حقيقة الوعيد بيان أن هذا العمل سبب في هذا العذاب فيستفاد من ذلك تحريم الفعل وقبحه، أما أن كل شخص قام به ذلك السبب يجب وقوع ذلك المسبب به، فهذا باطل قطعا، لتوقف ذلك المسبب على وجود الشرط وزوال جميع الموانع. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة