السؤال
ما توجيه حديث عثمان حين سأله علي عن المتعة: ولكنا كنا خائفين؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن قتادة قال: قال عبد الله بن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان علي يأمر بها، فقال عثمان لعلي كلمة، ثم قال علي: لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال: أجل، ولكنا كنا خائفين. رواه مسلم.
والمراد بالمتعة هنا: متعة الحج، لا نكاح المتعة، وقد رواه البخاري وغيره عن سعيد بن المسيب قال: اختلف علي وعثمان ـ رضي الله عنهما ـ وهما بعسفان في المتعة، فقال علي: ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعا.
وأما العبارة محل السؤال: ولكنا كنا خائفين ـ فروى أحمد عن شعبة قال: قلت لقتادة: ما كان خوفهم؟ قال: لا أدري.
وقال النووي في شرح مسلم: لعله أراد بقوله: خائفين ـ يوم عمرة القضاء سنة سبع قبل فتح مكة! لكن لم يكن تلك السنة حقيقة تمتع، إنما كان عمرة وحدها. اهـ.
ونقل ابن حجر كلام النووي، ثم قال: قلت: هي رواية شاذة، فقد روى الحديث مروان بن الحكم وسعيد بن المسيب، وهما أعلم من عبد الله بن شقيق، فلم يقولا ذلك، والتمتع إنما كان في حجة الوداع، وقد قال ابن مسعود كما ثبت عنه في الصحيحين: كنا آمن ما يكون الناس ـ وقال القرطبي: قوله خائفين ـ أي من أن يكون أجر من أفرد أعظم من أجر من تمتع، كذا قال، وهو جمع حسن، ولكن لا يخفى بعده، ويحتمل أن يكون عثمان أشار إلى أن الأصل في اختياره صلى الله عليه وسلم فسخ إلى العمرة في حجة الوداع دفع اعتقاد قريش منع العمرة في أشهر الحج، وكان ابتداء ذلك بالحديبية لأن إحرامهم بالعمرة كان في ذي القعدة وهو من أشهر الحج، وهناك يصح إطلاق كونهم خائفين، أي من وقوع القتال بينهم وبين المشركين، وكان المشركون صدوهم عن الوصول إلى البيت فتحللوا من عمرتهم، وكانت أول عمرة وقعت في أشهر الحج، ثم جاءت عمرة القضية في ذي القعدة أيضا، ثم أراد صلى الله عليه وسلم تأكيد ذلك بالمبالغة فيه حتى أمرهم بفسخ الحج إلى العمر. اهـ.
والله أعلم.