السؤال
لنا جارة كبيرة في السن، قد أهملها أبناؤها، وهي تعيش وحدها، وتفتقر لمن يؤنسها ويخدمها، ولهذا السبب ومع إهمالي الشديد أذهب لزيارتها بين الحين والآخر، وأجلس معها بعض الوقت، وأقضي لها بعض حاجتها، وكذلك كان حال والدي معها، والمشكلة أن هذا الحال تغير، وأصبح الوالدان يبتعدان عن الذهاب إليها، ويمنعانني من قضاء بعض حاجياتها لبعض الوقت، والتي كنت وعدتها بها، فأحتار أأقف عند أمر الوالدين؟ أم لي تطبيق قاعدة: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ وإن كان علي الوقوف عند أمر الوالدين، فماذا عن وعدي، فالمؤمنون عند وعودهم، مع العلم أنني لم أعدها إلا لكي لا أكسر خاطرها، وأكون قد عزمت الأمر على الإيفاء بوعدي لها حتى أسهل لها وأيسر عليها أمرها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة في الأمور التي ينتفعان بها ولا تضر الولد، أما الأمور التي ليس لهما فيها غرض صحيح، فلا تجب طاعتهما فيها، وراجعي حدود طاعة الوالدين في الفتوى رقم: 76303.
وعليه، فلا تلزمك طاعة أبيك في الامتناع من زيارة الجارة ورعايتها، إلا إذا كان للوالد غرض صحيح في منعك؛ كخوف عليك من فتنة أو ريبة ونحو ذلك، فتلزمك طاعته حينئذ، فقد سئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ في فتاوى نور على الدرب: عن حكم خروج الفتاة بدون علم والدها للدعوة إلى الله، أو لزيارة المرضى وفعل الخيرات، هذا مع أن الوالد لا يمنعها من ذلك، وهل إذا افترضنا أنه يمنعها هل تخرج للدعوة أم لا؟ فأجاب: نعم لها الخروج للدعوة، وزيارة الأقارب وعيادة المريض بالتحفظ والعفة والتستر والحجاب، لا بأس، وإن لم تستأذن والدها إلا إذا كان في خروجها خطر فلابد من إذن والدها وأخذ رأيه في الكيفية التي تخرج بها حتى لا تقع في الخطر، لأن والدها مسؤول عنها وهكذا إخوتها، فإذا كان خروجها لا يترتب عليه شر في خروجها لعيادة المريض أو سماع المواعظ أو سماع خطبة الجمعة، إذا كان خروجها مضبوطا متسترة وليس هناك ما يوجب التهمة، فلا بأس، أما إذا كانت تخشى أن تتهم فينبغي لها أن تحذر، وأن لا تخرج إلا بإذن، ويكون معها من يصحبها من أخواتها، من زوجة أبيها، من غيرها من النساء الثقات حتى لا تتهم بالسوء. انتهى.
والله أعلم.