نصائح لمن جالس الملحدين وشك في وجود الله

0 213

السؤال

أنا شاب عمري 20 عاما، أدرس في كلية العلوم قسم الكيمياء، وأثناء دراستي في المراحل ما قبل الجامعة كنت ملتزما بالدين، وأشعر بالراحة أثناء تأدية الصلاة، وكانت ذاكرتي قوية، وكنت أحفظ الكثير من السور والأحاديث النبوية، وكنت أفتخر بأنني مسلم، وكنت أقرأ الكثير من الكتب الدينية، وبعد دخولي الجامعة تعرفت إلى ثلاثة من الشباب كانوا ملحدين وكنت أحاول إقناعهم دون جدوى، وتركت الصلاة، وأعطوني كتبا عن الإلحاد لأقرأها وأكتشف وهن الآلهة حسب تعبيرهم، فقرأت الكتب، وأعيش الآن في حالة صراع، ولم أعد أشعر بالراحة بعد الصلاة، وقد أصبحت غبيا، وذاكرتي أصبحت ضعيفة، ودراستي لم أعد أعطيها حقها، كما ابتعدت عن أصدقائي، ولا أعلم ما الذي يجب أن أفعله، ولم أعد أصلي أو أصوم، فأعطوني بعض النصائح -جزاكم الله خيرا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله المولى الكريم أن يرزقنا وإياك السلامة، والعافية في ديننا ودنيانا، وأن يجنبنا مضلات الفتن، وزلل الأهواء، وأن يأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى، إن ربنا قريب مجيب.

 ومن أول ما ننصحك به التضرع إليه، وصدق الالتجاء له؛ ليخلصك مما أنت فيه من البلاء، وبلاء الدين من أعظم البلاء، وإن صدقته سبحانه صدقك، وحقق لك ما تبتغي، فقد قال عز وجل: فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم {محمد:21}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه: إن تصدق الله يصدقك. رواه النسائي.

ومن الأدعية المناسبة في هذا المقام ما رواه البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم.

 ثانيا: يجب عليك قطع كل علاقة بهؤلاء الملحدين الذي وقعت في مصيدتهم، فساقوك إلى طريق المهالك، والزم أصدقاء أخيارا ليأخذوا على يديك، ويعينوك على الرجوع إلى طريق الاستقامة، فالصديق يؤثر على صديقه سلبا أو إيجابا، ومن هنا جاءت السنة بالإرشاد إلى صحبة الأخيار، ففي حديث أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة.

ثالثا: جاهد نفسك، واجتهد في دفع هذه الشبهات، وطردها من قلبك، فهذا من سبل الهداية والنجاة، قال تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين {العنكبوت:69}.

وجالس بعض العلماء الأخيار الراسخين، فيرجى ـ إن شاء الله ـ أن يزيلوا عنك الشبهة، ويبينوا لك الصواب، واطلع على بعض الكتب المفيدة في الرد على الملحدين، ونذكر منها هنا على سبيل المثال كتاب: الفيزياء ووجود الخالق، للدكتور جعفر شيخ إدريس، وكتاب: الله يتجلى في عصر العلم، ترجمة الدكتور الدمرداش عبد المجيد سرحان، وكتاب: الإسلام يتحدى للأستاذ وحيد الدين خان، وكتاب: صراع مع الملاحدة حتى العظم، للشيخ عبد الرحمن الميداني

رابعا: إذا انكشف عن قلبك غيم هذه الشبهات سهل عليك الرجوع إلى سابق عهدك من المحافظة على الصلاة وفرائض العبادات، والتلذذ بحلاوة الإيمان ومناجاة الرحمن، فهذا نعيم في الدنيا قبل نعيم الآخرة في الجنة، قال تعالى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون {النحل:97}.

قال ابن القيم في الوابل الصيب: والإقبال على الله تعالى، والإنابة إليه، والرضا به وعنه، وامتلاء القلب من محبته، واللهج بذكره، والفرح والسرور بمعرفته ثواب عاجل، وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ـ قدس الله روحه ـ يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة. اهـ.

وإن لم تسلك هذا المسلك فقد رأيت سوء عاقبة الإعراض عن الله عز وجل من نكد العيش، والهم الدائم، قال تعالى: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى {طه:124}.

قال ابن كثيرأي ضنكا في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى، فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد، فهذا من ضنك المعيشة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة