السؤال
أنا فتاة درست طب الأسنان في بلدي، وتخرجت، وبعد التخرج يجب عمل فترة الامتياز، وهي فترة تدريبية، حتى يتم إنزال اسمي في السجل الطبي بصورة دائمة ورسمية. أراد الله أن أتزوج قبل عمل الامتياز، وأنا مقيمة بدولة أخرى لا يوجد فيها الامتياز، وأنا مضطرة للذهاب لبلدي لإتمامه، وزوجي موافق، وأمي موافقة، ولكن أبي يرفض ذلك؛ لأنه لا يرى أهمية لذلك بعد زواجي.
وللعلم أبي يريد تقديم استقالته والذهاب لبلده، والتبرؤ من مسؤوليتنا، ولذلك فأنا في أمس الحاجة لإتمام الامتياز؛ لأحصل على وظيفة، فأنا أكبر إخواني، ولا يوجد منهم من تخرج إلى الآن، ولا أريد لأهلي أن يكونوا عالة على أحد.
أريد السفر قريبا، وبما أن أبي لا يريدني أن أكمل دراستي، فهو يرفض أن يذهب معي، أو يترك أخي ليذهب معي، ليكون محرما لي، وزوجي لا يستطيع السفر لظروف العمل، وضيق الحالة المادية، ووجود الضرائب في بلدنا للمغتربين، ونحن ننتظر مولودا، وسنواجه تكاليف كثيرة. فهل يجوز لي السفر مع خالاتي؛ حيث سيوصلني زوجي المطار، ويستقبلني أخي هناك، والرحلة اتجاه واحد، ولا يوجد أي وقوف فيها؟ وسؤالي الثاني: حصلت لأخي مشكلة في المرحلة الثانوية، وهي فترة طيش وشباب، واعتذر على غلطه، وأبي إلى الآن لا يريد أن يسامحه، ويمنعه من دراسة الجامعة، وهو جالس في البيت لمدة سنتين أو ثلاثة، وأخي الأصغر منه ذهب، ولا أرى فرقا بينهما أخلاقيا. أليس هذا ظلما ؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجماهير أهل العلم على أن سفر المرأة بغير محرم لا يجوز إلا عند الضرورة، كالهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، لكن بعض العلماء رخص في السفر عند أمن الفتنة ولو لغير ضرورة، ولا سيما إذا كان بالطائرة، كما بيناه في الفتوى رقم : 173927.
فالذي ننصح به أباك أن يصحبك في سفرك، أو يأذن لأخيك في السفر معك، فإن لم يرض، ولم تجدي محرما يسافر معك، فلا مانع من العمل بقول من يرخص في مثل هذا السفر إذا كنت في رفقة مأمونة.
وأما بخصوص أخيك الذي يمنعه والده من الدراسة الجامعية بسبب خطأ سبق منه، فلا حق لأبيك في ذلك، مع التنبيه إلى أن المفتى به عندنا عدم وجوب إنفاق الأب على ولده في الدراسة الجامعية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 59707 .
لكن إذا كان الوالد قادرا على الإنفاق، والولد لا مال له ولا كسب، فينبغي للوالد ألا يبخل عليه بهذه النفقة، وإذا كان الولد قد أخطأ ثم تاب، فلا وجه لعقابه، فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولو فرض أن الولد لم يتب بعد، فليس طريق إصلاحه بمنعه من الدراسة الجامعية، ولا سيما إذا كان خاليا من العمل، فإن تركه للفراغ مفسدة عظيمة، وإنفاق الأب على أحد الأولاد في الجامعة دون الآخر تفضيل في العطية بلا مسوغ، وقد يؤدي إلى فساد العلاقة بين الإخوة بالحقد والضغائن، وقد يدفع الولد إلى عقوق أبيه، وكل ذلك ينطوي على مفاسد ظاهرة.
والله أعلم.