السؤال
فتاة تبلغ من العمر 14 عاما، ولديها تقطع في دم الحيض، حيث إنه في أول الأيام (أربعة أيام أو ثلاثة) يكون الدم مستمرا، ولكن بعد ذلك ينقطع ولا يستمر إلا ساعات، تقريبا لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، أو أربع ساعات، ومن ثم يرجع الدم مرة أخرى على شكل قطرات، ويستمر لمده قصيرة، وينقطع مرة أخرى، ويرجع ويستمر إلى المدة المذكورة وهكذا، إلى أن ينتهي عند ثلاثة أيام أو يومين (علما أنه في السنوات الماضية كان الدم يستمر إلى ستة أيام، وبعدها تطهر، ولكن في السنة الأخيرة ظهر لديها هذا)
سؤالي هو: هل عليها أن تتطهر إذا رأت انقطاع الدم، وتصلي، وتقرأ القرآن، وعندما ترى الدم مرة أخرى تترك الصلاة؟
وهل هذا قد يكون مرضا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن انقطاع الدم إن كان المراد منه توقف نزول الدم إلى خارج الرحم، ولكن لو أدخلت قطنة ونحوها لخرجت ملوثة -إذا الانقطاع على هذا النحو- فهذا التوقف ليس انقطاعا للدم، ولا عبرة به، ولا يحصل به الطهر، وليس هو الانقطاع الذي يسميه الفقهاء بالجفوف.
وإن كنت تعنين بانقطاع الدم لساعات، أنها لو أدخلت قطنة ونحوها لخرجت جافة غير ملوثة بدم، أو كدرة، فهذا هو الجفوف الذي يتكلم عنه الفقهاء، ويعتبرونه علامة على الطهر.
قال أبو الوليد الباجي في شرح الموطأ: الجفوف وهو: أن تدخل المرأة القطن، أو الخرقة في قبلها، فيخرج ذلك جافا، ليس عليه شيء من دم .. اهـ.
وهذا الجفوف إذا استمر لساعات دون اليوم، ثم عاد الدم، فإنه لا يعتبر طهرا في المفتى به عندنا، كما هو قول جماعة من العلماء، وعللوا ذلك بأن عادة الدم أنه يجري وينقطع، وهذا هو ترجيح ابن قدامة والشيخ العثيمين رحمهما الله.
قال ابن قدامة: ويتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم، فليس بطهر، بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس، أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم، وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن الدم يجري مرة، وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة، حرج ينتفي بقوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78] . ولأننا لو جعلنا انقطاع الدم ساعة طهرا، ولا تلتفت إلى ما بعده من الدم، أفضى إلى أن لا يستقر لها حيض ... اهـ.
وهذا فيما إذا انقطع الدم ورأت الجفوف، أما إذا رأت القصة البيضاء، فلا خلاف في وجوب الغسل عليها.
قال ابن قدامه: فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرا، إلا أن ترى ما يدل عليه، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها، أو ترى القصة البيضاء. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: النساء في الحيض ربما تجف يوما أو نصف يوم، هذا يعتبر من الحيض، لكن إذا انقطع وعرفت أنه انقطع، طهرت ... اهـ.
وبناء عليه، نقول لتلك الأخت: إن انقطاع الدم لساعات أقل من يوم، لا يعتبر طهرا، فإذا رأت ذلك الانقطاع أثناء أيام الحيض، لم تطالب بالاغتسال والصلاة، وإذا رأته في آخر أيام الحيض، فلتغتسل وتصلي.
قال ابن مفلح الحنبلي في المبدع: وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة، حرج، فيكون منفيا، قال في "الشرح" وغيره: فعلى هذا لا يكون أقل من يوم طهر، أو ترى القصة البيضاء ، ... اهـ.
وأما قراءتها للقرآن في المدة التي ذكرنا أنها حيض، فهي جائزة بدون مس المصحف مباشرة، كما في الفتوى رقم: 122876 . وأما كون ما يحصل لها من ذلك الانقطاع المتذبذب هل يعتبر مرضا؟ فهذا يسأل عنه الأطباء.
والله تعالى أعلم.