السؤال
عند دخول الخلاء (الحمام) يكون في بعض الأحيان أو بعض بيوت الخلاء مرآة، فهل يجوز - والإنسان بالخلاء - أن يقول دعاء النظر إلى المرآة وهو((اللهم كما حسنت خلقي فحسن لي خلقي))؟
وهل يجوز أيضا أن يذكر أي أذكار أخرى كأذكار الوضوء والانتهاء من الوضوء؟ الخ....
وجزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ذكر الله تعالى داخل بيت الخلاء مكروه، سواء كان الذكر تلاوة قرآن أو أدعية أو غير ذلك، تعظيما لحرمات الله تعالى، قال الإمام النووي في كتاب الأذكار: يكره الذكر والكلام حال قضاء الحاجة، سواء كان في الصحراء أو في البنيان، وسواء في ذلك جميع الأذكار والكلام، إلا كلام الضرورة، حتى قال بعض أحصابنا: إذا عطس لا يحمد الله تعالى، ولا يشمت عاطسا، ولا يرد السلام، ولا يجيب المؤذن، ويكون المسلم مقصرا لا يستحق جوابا. والكلام بهذا كله مكروه كراهة تنزيه، ولا يحرم، فإن عطس، فحمد الله تعالى بقلبه، ولم يحرك لسانه فلا بأس، وكذلك يفعل حال الجماع.
وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: مر رجل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه. رواه مسلم في صحيحه.
وعن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه، قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إلي، وقال: "إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر" أو قال: "على طهارة" حديث صحيح، رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه بأسانيد صحيحه. انتهى
وللمزيد راجع الفتويين التاليتين: 45222 // 3262 .
والوضوء داخل بيت الخلاء مكروه عند بعض أهل العلم كالمالكية، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل أثناء ذكر مندوبات الوضوء: (قوله: موضع طاهر إلخ) أي إيقاعه في موضع طاهر أي طاهر بالفعل وشأنه الطهارة فيخرج محل الخلاء فيكره الوضوء فيه ولو طاهرا انتهى كلامه.
لكن إذا توضأ الشخص داخل بيت الخلاء، فالراجح أنه لا يأتي بأذكار الوضوء تعظيما لذكر الله تعالى، قال ابن عابدين في رد المحتار: لو توضأ في الخلاء لعذر فهل يأتي بالبسلمة ونحوها من أدعيته مراعاة لسنة الوضوء أو يتركها مراعاة للمحل، والذي يظهر الثاني لتصريحهم بتقديم النهي على الأمر. انتهى كلامه.
فالحاصل إذا أن الذكر كله ينبغي الإمساك عنه داخل بيت الخلاء كما يفضل ترك الوضوء داخله.
وننبه السائل إلى أن الروايات التي عثرنا عليها للحديث ليس فيها لفظ "لي" وإنما أخرجه الإمام أحمد عن ابن مسعود بلفظ: "اللهم أحسنت خلقي، فأحسن خلقي" كما أخرجه الطبراني في الدعاء وابن السني في عمل اليوم والليلة والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم بألفاظ متقاربة ليس في شيء منها لفظ: "لي" . وقد صححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل وفي صحيح الجامع الصغير وزياداته.
والله أعلم.