الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تبين لنا من خلال أسئلة سابقة، أن لديك وساوس كثيرة، نسأل الله تعالى أن يشفيك منها, وننصحك بالإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها, فإن ذلك من أنفع علاج لها، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 3086.
ثم إن أسئلتك الثلاثة كلها مترابطة, فهي كلها تتناول مسألة الماء المنفصل عن غسل النجاسة, وتمييز حقيقة هذا الماء مسألة في غاية السهولة والبساطة, فمن المعلوم أن أي شخص عاقل يميز بين الماء المتغير وغيره, فما عليك إلا أن تنظر إليه, فإن رأيت أنه متغير بالنجاسة, فهو نجس, وبالتالي, فإنه ينجس ما أصابه من الثوب, أو البدن, وإن كان هذا الماء غير متغير بالنجاسة أي بقي على وصفه لا لون له ولا طعم ولا رائحة, فهو طهور لا ينجس ما وقع عليه من ثوب, أو غيره.
قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل المالكي : والمعنى أن المحل النجس يطهر بغسله بالماء الطهور بشرط أن ينفصل الماء عن المحل طهورا باقيا على صفته، ولا يضر التغير بالأوساخ على المعتمد. انتهى
ومن أهل العلم من قال يعفى عن يسير النجاسة مطلقا, ومنهم من قال إن العفو خاص بالدم, والقيح, والصديد, وقد رجح شيخ الإسلام العفو عن يسير النجاسة مطلقا. وراجع الفتوى رقم: 226939.
وضابط يسير النجاسة المعفو عنه, قد تقدم ذكره فى الفتوى رقم : 290989.
ويجوز للموسوس الأخذ بأيسر الأقوال دفعا للحرج ورفعا للمشقة، وليس هذا من تتبع الرخص المذموم ـ إن شاء الله ـ بل هذا من الترخص للحاجة، وقد بينا في الفتوى رقم: 134759، أن الأخذ ببعض رخص العلماء للحاجة ليس من الترخص المذموم, وعلى هذا؛ فيجوز لك تقليد القول بالعفو عما يصيبك من يسير النجاسة, سواء تعلق الأمر بالدم, أوالقيح, أوالمذي, أو غيرها من النجاسات، وإذا غسلتها فلا يتنجس ثوبك, أو بدنك بما يصيبك من الماء المنفصل عن غسلها بناء على هذا القول .
والله أعلم.