السؤال
أنا شخص قد تسببت في مشكلة، وأخاف أن أكون قد ارتكبت ذنب النميمة؛ لأني نقلت كلاما إلى الشخص المعني، وحدثت المشكلة. الموضوع هو أن أحد الشباب كان يتكلم في عرض امرأة أعرفها جيدا، وأثق أنها لا تفعل الشيء الذي رميت به، فضاق صدري بما سمعته، فنقلت لها الكلام، ولم أحدد من قال لي، ولكن الكلام الذي قيل يخصها، ويخص شخصا قد خطبها سابقا، ورفض من قبل أهل البنت، ولا أدري ما يدور في عائلتهم الآن من مشكلة، ولكن يظهر أن هذا الخاطب هو أصل الإشاعات عنها بسبب رفض أهلها له، فهل أنا مذنب؟ وهل كان السكوت عن هذا القذف في عرض امرأة شريفة ظلما هو المفترض أن يكون؟ علما أن البنت عرفت الشخص الذي روى لي القصة من مصادرها؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان المفروض أن تقوم بالرد عن هذه الأخت في المجلس الذي انتقص فيه من عرضها، وتنهى المتكلم عن اغتيابها، وتنقصها، وإن قصرت في ذلك، فأنت آثم؛ ففي الحديث: من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة. رواه أحمد، والترمذي، وصححه الألباني. وفي رواية: من ذب عن لحم أخيه بالمغيبة، كان حقا على الله أن يعتقه من النار. رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وفي الحديث: ما من امرئ يخذل امرأ مسلما عند موطن تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وقد نص الصنعاني في سبل السلام على وجوب الرد عن عرض المسلم، واستدل بالحديث المذكور، وبأن اغتياب المسلم من المنكر الذي يجب إنكاره فقال: فمن حضر الغيبة، وجب عليه أحد أمور: الرد عن عرض أخيه، ولو بإخراج من اغتاب إلى حديث آخر، أو القيام عن موقف الغيبة، أو الإنكار بالقلب، أو الكراهة للقول، وقد عد بعض العلماء السكوت كبيرة؛ لورود هذا الوعيد؛ ولدخوله في وعيد من لم يغير المنكر؛ ولأنه أحد المغتابين حكما وإن لم يكن مغتابا لغة وشرعا. اهـ.
وقال صاحب عون المعبود: والمعنى: ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول، أو الفعل عند حضور غيبته، أو إهانته، أو ضربه، أو قتله إلا خذله الله. انتهى.
وقال النووي في رياض الصالحين: باب تحريم سماع الغيبة، وأمر من سمع غيبة محرمة بردها، والإنكار على قائلها، فإن عجز، أو لم يقبل منه، فارق ذلك المجلس -إن أمكنه-. اهـ.
وقال القاري في شرح الحديث المتقدم: من ذب) أي: دفع (عن لحم أخيه): كناية عن غيبته على طبق الآية، والمعنى: من دفع، أو من منع مغتابا عن غيبة أخيه (بالمغيبة) أي: في زمان كون أخيه غائبا. انتهى.
وأما نقلك الخبر للأخت من دون ذكر اسم الشخص، ولا ذكر ما يعرف به، فلا يدخل في النميمة المحرمة، كما بينا في الفتوى رقم: 151873.
ولكن هذا مما لا ينبغي؛ لأنه لا ترجى منه فائدة، وضرره أكبر من نفعه، ومثل هذا يجتنبه المسلم، ويصون عنه لسانه.
والله أعلم.