حكم قراءة الفاتحة للمأموم المسبوق والموافق عند الشافعية

0 180

السؤال

أعتذر لطول السؤال، لكني في أشد الحاجة للجواب من فضلكم.
شيوخي الفضلاء، آخذ بقول الشافعية في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة كلها، سرية وجهرية، وأن للمأموم أن يتأخر عن ركوع الإمام ليتم الفاتحة، حتى لو رفع الإمام من ركوعه، ويكون معذورا -كما قال النووي-، وأنها لا تسقط إلا إذا دخل المأموم في الركوع نفسه لفوات محلها، لكني أسأل عن المسبوق الذي يدخل المسجد، ويبدأ الصلاة والإمام بالفعل قائم قبيل الركوع بقليل، فيركع الإمام ولا يزال المأموم يقرأ، فهل في هذه الحالة أيضا يتأخر المأموم ليتم الفاتحة، حتى لو رفع الإمام من ركوعه، أم يسقط باقي الفاتحة؛ لأن المأموم مسبوق غير مدرك لأول الركعة؟ فما قول الشافعية في هذا؟ وهل الأمر سواء في السرية أم الجهرية؟ فقد فهمت من فتواكم رقم: 111619 أن المأموم يتأخر ليتم الفاتحة حتى لو رفع الإمام من الركوع، حتى في الركعة الأولى، طالما أدرك بعض القيام مع الإمام حيث قلتم: (والذي يظهر لنا -والله أعلم- هو أنه يتم قراءة الفاتحة، ولو رفع إمامه من الركوع؛ وذلك لأنه معذور في التخلف عنه، فالتحق بما إذا تخلف عن إمامه للعذر في صلاة الخوف، وإنما سقطت الفاتحة حين إدراك الإمام راكعا؛ لفوات محلها، وهو القيام، وأما إذا أدرك الإمام قائما، فعليه أن يتم الفاتحة)
ولكن في الفتوى رقم: 202636 قلتم: (إنه إن كان الإمام سبقك ببعض الفاتحة، بحيث قرأت بعضها، ثم ركع الإمام قبل أن تكملها، فإنك تركع مع إمامك، ويسقط باقي الفاتحة، وهو المذهب عند الشافعية)، فما الصواب -بارك الله فيكم- هل يتمها أم تسقط بقيتها عن المتأخر عن أول ركعة تحديدا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكلا الفتويين صحيح؛ وذلك لأن المأموم عند الشافعية إما أن يكون مسبوقا، وإما أن يكون موافقا.

والمسبوق عند الشافعية هو: من لم يدرك مع الإمام من قيامه في الركعة الأولى، أو غيرها زمنا يسع قراءة الفاتحة، وحكمه: أنه يركع مع الإمام وجوبا، وتسقط عنه الفاتحة.

وأما الموافق عند الشافعية فهو: من أدرك مع الإمام من قيامه في الركعة الأولى، أو غيرها زمنا يسع قراءة الفاتحة.

وحكم الموافق أنه إذا ركع إمامه قبل أن يتم هو فاتحته، لا يلزمه أن يركع معه، بل يجب عليه أن يتخلف ويتمها، ويدرك الركعة بالركوع وحده، وقد كان الجواب في الفتوى رقم: 202636 باعتبار أن المأموم كان مسبوقا.

وكان الجواب في الفتوى رقم: 111619 باعتبار أن المأموم كان موافقا، وعلى هذا؛ فلا تعارض بين الفتويين؛ لإمكان حمل كل منهما على صورة تخالف الأخرى، قال البجيرمي -رحمه الله- في حاشيته على الإقناع للخطيب الشربيني: واعلم أن المأموم إما موافق، وإما مسبوق، والأول من أدرك من قيام الإمام قدرا يسع الفاتحة بالنسبة للوسط المعتدل، لا لقراءة نفسه على المعتمد، والمسبوق من لم يدرك ذلك، ... فالموافق بينه في المنهج بقوله: العذر كأن أسرع إمام قراءته، وركع قبل إتمام موافق الفاتحة، فيتمها، ويسعى خلفه، ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان طويلة، ...

وحاصل مسألة المسبوق أنه إذا لم يشتغل بسنة، وجب عليه أن يركع مع الإمام، فإن لم يركع معه، فاتته الركعة ... انتهى باختصار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة