السؤال
لقد قرأت في أحاديث المهدي أنه من سيؤم بسيدنا عيسى عليه السلام، ويخرجان معا لقتال الدجال، ومدة خلافة المهدي سبع سنين، ألا يعني ذلك أن فتنة الدجال تكون قبل خلافة المهدي؟ ألا يعني ذلك أن المهدي سيعاصر فتنة الدجال قبل أن يهديه الله؟ لأنهم بعد الصلاة كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم سيخرجان لقتال الدجال، وذلك بعد فتح القسطنطينية. وقد قال النبي عليه السلام ما بين الملحمة وفتح القسطنطينية ست سنين، والدجال في السابعة، ألا يعني أن في السنة السابعة سيكون نزول عيسى عليه السلام وقتال الدجال؟ وقرأت في تفسير قول صحابي من الصحابة واسم ذلك الصحابي معمر أن الشاب الذي يخرج لمواجهة الدجال هو الخضر، وتساءل الكثير هل الخضر لا يزال حيا؟ وقال أيضا ابن حجر لا برهان له في ذلك. فأوقفني ذلك وتساءلت هل هناك علاقة بين ذلك الشاب والخضر؟ وهل هناك رابط بين ذلك الشاب وسورة الكهف؟ فوجدت -والله أعلم- أن الرابط بينهما في ترتيب القصص في سورة الكهف قصة الخضر وموسى وبعدها قصة ذو القرنين. وذلك يعني -والله أعلم- أن ذلك الشاب سيظهر حقيقة الدجال قبل الخلافة على منهاج النبوة. ممكن أحصل على استفسار في الأمر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت الروايات الصحيحة والمشهورة على أن خلافة المهدي تكون قبل الدجال، فإذا وصلت الفتوحات إلى القسطنطينية صاح الشيطان: إن الدجال قد خلفكم في أهلكم. كما رواه مسلم وغيره.
فإذا خرج الدجال، فإنه يمكث أربعين يوما على ما جاء في الأحاديث، ثم إن عيسى عليه السلام ينزل فيقتله ويصلي خلف المهدي، ثم يوحي الله إلى عيسى عليه السلام بخروج يأجوج ومأجوج، ويأمره بأن يحرز عباده إلى الطور. كما في صحيح مسلم وغيره.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي في شرح جامع الترمذي: اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل من بعده فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته. اهـ .
وبذلك نعلم أن أول هذه العلامات المذكورة في السؤال هو خروج المهدي. وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتوى رقم: 322282.
وأما الشاب الذي يقتله الدجال فلم نر ما يثبت أنه الخضر، وإنما جاء في وصفه أنه رجل ممتلئ شبابا، وأنه خير الناس فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: يأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك. رواه مسلم.
وجاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد ـ رضي الله عنه: فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس، أو من خيار الناس.
وما ذكرته عن معمر من القول بأن الشاب هو الخضر قول ضعيف. قال الحافظ في الفتح: ذكر إبراهيم بن سفيان الرازي عن مسلم أنه يقال إنه الخضر، وكذا حكاه معمر وجماعة، وهذا إنما يتم على رأي من يدعي بقاء الخضر، والذي جزم به البخاري وإبراهيم الحربي وآخرون من محققي الحديث خلاف ذلك. اهـ
وقد بينا بالفتوى رقم: 26689. ترجيح القول بوفاة الخضر عليه السلام.
ولا تظهر لنا علاقة بين سورة الكهف وقصة الشاب إلا أن يكون الشاب قرأها ذلك اليوم، فعصمه الله من فتنة الدجال. ففي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان مرفوعا: فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف.
وفيه من حديث أبي ذر مرفوعا: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال.
والله أعلم.