السؤال
نعلم أنه لا يتحرك متحرك إلا بإذن الله ولا يسكن ساكن إلا بإذن الله؛ فهل العبارات التالية صحيحة:
المخلوقات عبارة عن صور حقيقتها أمر الله، فالنار لا تحرق إلا بأمر الله، والسكين لا تقطع إلا بأمر الله، والشمس لا تضيء إلا بأمر الله... وهكذا، أرجو الإجابة؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ومدبره، وضعه على سنن ثابتة وربط الأسباب بالمسببات، ولو شاء سبحانه وتعالى تغيير هذه السنن أو سلب هذه الأسباب تأثيرها لفعل، فهو سبحانه وتعالى القادر على كل شيء لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون..
ولكنه جعل لهذا الكون نظاما وللأسباب تأثيرا لحكمة أرادها سبحانه وتعالى، ولهذا فهذه الألفاظ المشار إليها صحيحة فلا تـأثير لشيء في هذا الوجود إلا بأمر الله تعالى ولا يخرج شيء منه عن مشيئته وإرادته.
مع التنبيه على البعد عن عقيدة الاتحاد والحلول التي يقول بها الزنادقة وبعض الفرق الضالة.
فيجب نفي التأثير عن الأسباب بنفسها واعتقاد أن الله تعالى هو الذي خلقها وأودع فيها ذلك التأثير وتلك الخصائص، ولو شاء لسلبها ذلك كما حدث بالفعل، فقد أمر الله تعالى النار عندما ألقي فيها إبراهيم عليه السلام فقال لها: كوني بردا وسلاما على إبراهيم [الأنبياء:69]، فلم تحرقه، كما تماسك الماء وأصبح صلبا كالجبل عندما ضرب موسى البحر بعصاه بأمر من الله تعالى: فكان كل فرق كالطود العظيم [الشعراء:63].
والذي عليه أهل السنة أن النار تحرق، والسكين يقطع، والماء يروي، بما جعل الله في هذه الأشياء من الخصائص، وقد ضل قوم نفوا تأثير هذه الأسباب في مسبباتها، وزعموا أن المسبب يوجد عند السبب لا به، وهذا لا يصح، بل الحرق حصل بالنار، والري نتج عن شرب الماء وهكذا، كما دلت على ذلك النصوص التي لا تحصى كثرة، ومن ذلك قوله تعالى: تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون [المؤمنون:104]، وقوله تعالى: ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد [ق:9]، وقوله تعالى: أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون [السجدة:27].
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على تأثير الأسباب في مسبباتها بأمر الله تعالى وتقديره.
والله أعلم.