السؤال
هل يجوز لمن أتقن علما في الشريعة أن يؤلف فيه ؟ كمن أتقن علم العقيدة فقط، أو الحديث فقط .
هل يجوز لمن أتقن علما في الشريعة أن يؤلف فيه ؟ كمن أتقن علم العقيدة فقط، أو الحديث فقط .
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أتقن علما إتقانا حقيقيا شهد له به أهل الاختصاص، فإن له أن يؤلف فيه إذا رأى أن الحاجة داعية لذلك. وللتصنيف آداب ذكرها العلماء ينبغي التحقق بها قبل تجشم ميدان التصنيف.
قال الإمام النووي في مقدمة كتابه (المجموع شرح المهذب):
وينبغي أن يعتني بالتصنيف إذا تأهل له؛ فبه يطلع على حقائق العلم ودقائقه، ويثبت معه، لأنه يضطره إلى كثرة التفتيش والمطالعة والتحقيق والمراجعة والاطلاع على مختلف كلام الأئمة ومتفقه وواضحه من مشكله، وصحيحه من ضعيفه، وجزله من ركيكه، وما لا اعتراض عليه من غيره، وبه يتصف المحقق بصفة المجتهد. وليحذر كل الحذر أن يشرع في تصنيف ما لم يتأهل له؛ فإن ذلك يضره في دينه وعلمه وعرضه، وليحذر أيضا من إخراج تصنيفه من يده إلا بعد تهذيبه وترداد نظره فيه وتكريره. وليحرص على إيضاح العبارة وإيجازها، فلا يوضح إيضاحا ينتهي إلى الركاكة، ولا يوجز إيجازا يفضي إلى المحق والاستغلاق. وينبغي أن يكون اعتناؤه من التصنيف بما لم يسبق إليه أكثر. والمراد بهذا أن لا يكون هناك مصنف يغني عن مصنفه في جميع أساليبه، فإن أغنى عن بعضها فليصنف من جنسه ما يزيد زيادات يحتفل بها مع ضم ما فاته من الأساليب، وليكن تصنيفه فيما يعم الانتفاع به ويكثر الاحتياج إليه: وليعتن بعلم المذهب، فإنه من أعظم الأنواع نفعا، وبه يتسلط المتمكن على المعظم من باقي العلوم. انتهى.
والله أعلم.