موقف طالب العلم من الاختلاف الواقع بين الجماعات الدعوية

0 222

السؤال

بارك الله فيكم: أنا من فلسطين، لدينا مدرستان فقط تدرسان منهج أهل السنة(المنهج السلفي) إحداها تابعة للشيخ ربيع المدخلي، والأخرى تابعة للشيخ علي الحلبي.
طلاب العلم في المدرستين، يتهمون بعضهم بالضلال والتحزب، والبدعية.
بأيهما تنصحني أن ألتحق بها؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله أن يلهمنا وإياك الصواب، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، كما نسأله تعالى أن يهيئ لهذه الأمة من أمرها رشدا، وأن يردها إلى دينها الصافي ردا جميلا، وأن يجمع قلوب علمائها ودعاتها على الحق، وأن يأخذ بنواصيهم إلى الألفة، وصلاح ذات البين.

هذا وليس لنا اطلاع على حال هاتين المدرستين، ولا على حال القائمين عليهما، حتى نستطيع الحكم عليهما، وإرشادك إلى أي منهما، كما أنه ليس من شأننا الحكم المطلق على جماعة معينة، أو أشخاص بأعيانهم؛ لأننا نرى أن المصلحة الشرعية تكون أكثر تحققا ببيان المنهج الحق، الذي هو المعيار والدليل لمن اشتبهت عليه المناهج، واختلطت عليه الرؤى.
وإن من أعظم ما ابتليت به الأمة في هذه العصور المتأخرة، هو فتنة التصنيف والاصطفاف الحاد، بين الجماعات التي تنتمي بمجملها لأهل السنة، فيعقد الولاء والبراء، وتحصل الموالاة والمعاداة على أساس ذلك، وننصحك بالاطلاع على كتاب : "تصنيف الناس بين الظن واليقين" للدكتور بكر أبو زيد. ونوصيك في هذا الصدد بأمور لعل الله ينفعك الله بها، وهي:

*اللجأ إلى الله بصدق وإخبات، وسؤاله الهداية، والبصيرة، والدأب على إصلاح القلب وتطهيره من الدنس والفساد، وتحليته بالإخلاص، فهي من أعظم أسباب الهداية، وأجل ما يحصن العبد من أنواع الضلال بإذن الله.

*لزوم العلماء الذين اجتمع فيهم العلم والديانة، وشاع بين الأمة فضلهم وعلمهم، وعرفوا بعفة ألسنتهم عن أعراض المسلمين، وتجريح العلماء والدعاة.

*الحرص على التأصيل العلمي، وتلقي العلم وفق المنهجية المطروقة عند أهل العلم، فالعلم كفيل بصيانة العبد عن الوقوع في كثير من الانحرافات الفكرية والمنهجية، و كلما ازداد العبد من العلم، انكشفت له وجوه الحقائق، وتبين له ما في المناهج من زغل وخطل. وانظر في طريقة طلب العلم، الفتوى رقم: 314509.
*العناية بضبط باب التعامل مع المخالف، وطريقة أهل السنة فيه، وما اشتمل عليه من العدل والعلم، والرحمة بالخلق، فالعالم كلما زاد علمه، زادت رحمته، وعذره للخلق، وتأمل هذا العبارة الموجزة الجامعة، التي يلخص بها الذهبي منهج شيخه ابن تيمية في التعامل مع المخالف: ومذهبه توسعة العذر للخلق.اهـ.

ومن الكتب في هذا الموضوع: كتاب: أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية، للدكتور أحمد الحليبي، وكتاب: ابن تيمية والآخر للدكتور عايض الدوسري، ومنهج أهل السنة في النقد والحكم على الآخرين، للدكتور هشام الصيني، وفقه الرد على المخالف للدكتور خالد السبت، وغيرها كثير.

*العناية بالتمييز بين القضايا المحكمة البينة، التي لا يسوغ فيها النزاع، وبين المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف، ولا ينكر فيها على المخالف، وتحقيق ضوابط ذلك، فالإخلال بفقه هذا الباب، من الأسباب العظيمة للتفرق والتشرذم الذي بليت به الأمة، فتجد المعرضين عن تحقيق هذا الباب، يطعنون في الناس بمسائل يسوغ فيها الخلاف، ويتعصبون ويوالون ويعادون على مسائل ظنية اجتهادية، لا تعدو أن تكون آراء قابلة للأخذ والرد، وليست دينا بينا، وللأسف فإن كثيرين ممن ينتمون إلى التيارات الدعوية، يشيع بينهم الإهمال لهذا الباب، والعجب أن بعضهم يتعامل مع المسائل الظنية والاجتهادية، تعامله مع المسائل المحكمة، فيدخلون في المسائل المحكمة ما اجتمع عليه طائفة من المشايخ المعاصرين! مع أن بعض تلك المسائل التي اجتمعوا عليها، تكون محل نزاع بين الصحابة والتابعين، وأئمة الهدى في القرون المفضلة!

وللفائدة، يمكن مراجعة الفتويين التاليتين: 1204840233395.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة