تسمية اللاعب والألعاب بالسحر بين الحرمة والجواز

0 271

السؤال

أنا صاحبة السؤال رقم: 2629253، وقد أجبتني بإجابات مختلفة عما سألت عنه، وأحلتموني إلى ألعاب السرة والحفة والفرق بينها وبين السحر وحكم الزومبي وحكم الألعاب الخيالية، وسؤالي أبدا ليس هكذا، وسؤالي هو: هل كل لعبة لها كلمة سحر وحتى إن كانوا يقصدون بالسحر الخيال، لكنهم قالوا سحرا محرمة، مثل كلمة ماجيك بالإنجليزية وتعني على ما أظن السحر، وتوجد في العديد من الألعاب عادة؟ أم إن السحر المحرم هو شخصية السحرة؟ أرجو أن تشرحوا لي متى تكون اللعبة التي فيها كلمة سحر محرمة؟.وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مجرد كتابة كلمة سحر لا تفيد تحريم اللعبة، ومثل ذلك تسمية اللعبة بالسحر، لأن إطلاق كلمة السحر على فعل ما لكونه بالغا في الغرابة، أو مستحقا للتعجب منه، تعتبر من المجاز الشائع في اللغة، فالسحر يطلق في اللغة على كل ما لطف ودق مأخذه، ومنه الحديث: إن من البيان لسحرا.

ويطلق على الخدعة، ومنه قوله تعالى: قالوا إنما أنت من المسحرين {الشعراء:153}: أي المخدوعين. كذا في الموسوعة الفقهية.

وقد فسر قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: إن من البيان لسحرا ـ على أنه مدح للبيان إذا لم يستخدم في إحقاق الباطل أو إبطال الحق، وإلا فهو مذموم ومحرم، قال ابن بطال: واختلف العلماء في تأويله، فقال قوم من أصحاب مالك: إن هذا الحديث خرج على الذم للبيان، وقالوا: على هذا يدل مذهب مالك، واستدلوا بإدخاله للحديث في باب ما يكره من الكلام، وقالوا: إن النبي شبه البيان بالسحر، والسحر مذموم محرم قليله وكثيره، وذلك لما في البيان من التفيهق وتصوير الباطل في صورة الحق، وقد قال رسول الله: أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون ـ وقد فسره عامر بنحو هذا المعنى، وهو رواه الحديث عن رسول الله، وكذلك فسره صعصعة بن صوحان فقال: أما قوله عليه السلام: إن من البيان لسحرا ـ فالرجل يكون الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق وهو عليه، وقال آخرون: هو كلام خرج على مدح البيان واستدلوا بقوله في الحديث: فعجب الناس لبيانها ـ والإعجاب لا يقع إلا بما يحسن ويطيب سماعه، قالوا: وتشبيهه بالسحر مدح له، لأن معنى السحر الاستمالة، وكل من استمالك فقد سحرك، وكان رسول الله عليه السلام أميز الناس بفضل البلاغة لبلاغته، فأعجبه ذلك القول واستحسنه، ولذلك شبهه بالسحر، قالوا: وقد تكلم رجل في حاجة عند عمر بن عبد العزيز وكان في قضائها مشقة بكلام رقيق موجز وتأنى لها وتلطف، فقال عمر بن العزيز: هذا السحر الحلال، وكان زيد بن إياس يقول للشعبي: يا مبطل الحاجات، يعني أنه يشغل جلساءه بحسن حديثه عن حاجاتهم، وأحسن ما يقال في ذلك أن هذا الحديث ليس بذم للبيان كله ولا بمدح للبيان كله، ألا ترى قوله عليه السلام: إن من البيان لسحرا ـ ومن للتبعيض عند العرب، وقد شك المحدث إن كان قال: إن من البيان أو أن من بعض البيان، وكيف يذم البيان كله، وقد عدد الله به النعمة على عباده فقال: خلق الإنسان علمه البيان ـ ولا يجوز أن يعدد على عباده إلا ما فيه عظيم النعمة عليهم، وما ينبغي إدامة شكره عليه، فإذا ثبت الاحتجاج للشيء الواحد مرة بالفضل ومرة بالنقص وتزيينه مرة وعيبه أخرى، ثبت أن ما جاء من البيان مزينا للحق ومبينا له فهو ممدوح، وهو الذي قال فيه عمر بن عبد العزيز: هذا السحر الحلال ـ ومعنى ذلك أنه يعمل في استمالة النفوس ما يعمل السحر من استهوائها، فهو سحر على معنى التشبيه، لا أنه السحر الذي هو الباطل الحرام. والله أعلم. اهـ.

وبهذا يعلم أن العبرة ليست بمجرد التسمية بالسحر ولا بتسمية اللاعب ساحرا، ولكن العبرة بحقيقة ما يقوم به اللاعب، فإن قام بحركة رياضية تغلب عليها السلامة فيباح ذلك كما يباح التفرج عليه، قال الحصكفي الحنفي في الدر المختار: يحل كل لعب خطر لحاذق تغلب سلامته كرمي لرام وصيد لحية، ويحل التفرج عليهم حينئذ. اهـ.

وإن قام بالسحر حقيقة فهو ساحر، ويحرم ما يفعله أصحاب الشعوذة والحيل بمعونة الآلات، والأدوية، أو يريه صاحب خفة اليد لشبهه بالسحر، أو ما قد يترتب عليه، فقد جاء في تفسير الألوسي: وأما ما يتعجب منه ـ كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات المركبة على النسبة الهندسية تارة، وعلى صيرورة الخلاء ملاء أخرى، وبمعونة الأدوية كالنارنجيات، أو يريه صاحب خفة اليد ـ فتسميته سحرا على التجوز، وهو مذموم أيضا عند البعض، وصرح النووي في الروضة بحرمته. اهـ.

وفي شرح فتح المجيد للغنيمان: التشبه بالساحر حرام، المسألة الرابعة: العقد مع النفث من ذلك، يعني: كونه يعقد عقدا ثم ينفث فيه هذا من السحر، وهذا من المحرمات، سواء كان الإنسان ساحرا أو يتشبه بالساحر، وقد يفعل ذلك بعض الجهال تشبها بالساحر، فإذا رأى أن الساحر يفعل كذا فيريد أن يفعل مثله.... اهـ.

ويقول ابن الهمام من الحنفية: ولا تقبل شهادة أهل الشعبذة، وهو الذي يسمى في ديارنا دكاكا، لأنه إما ساحر أو كذاب، أعني: الذي يأكل منها ويتخذها مكسبة، فأما من علمها ولم يعملها فلا.

ويقول الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب شرح روض الطالب: وتحرم الكهانة والتنجيم والضرب بالرمل والحصى والشعير والشعبذة وحلوانها، أي المذكورات، أي إعطاء أو أخذا لعوض عنها، بالنص الصحيح في حلوان الكاهن، والباقي في معناه. اهـ.

ويقول منصور البهوتي من الحنابلة: ويعزر من يدخل النار ونحوه ممن يعمل الشعبذة ونحوها. اهـ.
وجاء في فتاوى الرملي: أن الشعبذة مشترك مع السحر في التحريم، وأن كثيرا من العلماء أدرجوها فيه..

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة