لبس الملابس المشتركة بين الكفار والمسلمين بنية التشبه بهم

0 157

السؤال

ما حكم لبس الملابس المشتركة بين الكفار والمسلمين، بنية التشبه بهم؟ وهل تصبح كفرا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فليس مجرد التشبه بالكفار يكون المتشبه كافرا، وإن كان هذا قد يفهم من ظاهر هذا الحديث، وإنما يكون كافرا إذا تشبه بهم في نفس الكفر، وقد ذكر شيخ الإسلام أن هذا الحديث يحمل على أحد معنيين: إما التشبه بهم مطلقا، فيكون المتشبه بهم كافرا لتشبهه بهم في الكفر، وإما أن من تشبه بهم يكون منهم في القدر الذي تشبه بهم فيه، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في الاقتضاء: وهذا الحديث ـ يعني حديث: ومن تشبه بقوم فهو منهم ـ أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله: ومن يتولهم منكم فإنه منهم ـ وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: من بنى بأرض المشركين، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت، حشر معهم يوم القيامة. فقد يحمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرا، أو معصية، أو شعارا لها، كان حكمه كذلك.

وبكل حال؛ يقتضي تحريم التشبه بعلة كونه تشبها، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه، وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك، إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير، فأما من فعل الشيء، واتفق أن الغير فعله أيضا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبها نظر، لكن قد ينهى عن هذا؛ لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة. انتهى.

وقال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع: وليس المعنى أنه كافر، لكن منهم في الزي والهيئة المشابهة لهم؛ ولهذا لا تكاد تفرق بين رجل متشبه بالنصارى في زيه ولباسه، وبين النصراني، فيكون منهم في الظاهر، قالوا: وشيء آخر، وهو: أن التشبه بهم في الظاهر، يجر إلى التشبه بهم في الباطن، وهو كذلك، فإن الإنسان إذا تشبه بهم في الظاهر، يشعر بأنه موافق لهم، وأنه غير كاره لهم، ويجره ذلك إلى أن يتشبه بهم في الباطن، فيكون خاسرا لدينه، ودنياه. انتهى.

فعلم مما سبق أن هذا المتشبه -المسؤول عنه- إذا تشبه بالكفار في اللباس دون الكفر، فإنه لا يكون كافرا، وإنما وقع في الحرام، وهو خطر عظيم إذا تمادى في ذلك.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين التاليتين: 132437، 196471.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة