السؤال
هل يرى أو رأي الملائكة ربهم؟ وكيف تفسر في هذا الإطار قوله تعالى في سورة غافر الآيةالسابعة:"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به.." إذ الإيمان غالبا ما يكون عن غيب لا عن مشاهدة وجزاكم الله خيرا.
هل يرى أو رأي الملائكة ربهم؟ وكيف تفسر في هذا الإطار قوله تعالى في سورة غافر الآيةالسابعة:"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به.." إذ الإيمان غالبا ما يكون عن غيب لا عن مشاهدة وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ففي معجم الطبراني الأوسط من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سألت جبريل عليه السلام هل ترى ربك؟ قال: إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو رأيت أدناها لاحترقت. قال العلامة المناوي في فيض القدير: قال الحافظ الهيتمي: فيه فائد الأعمش، قال أبو داود: عنده أحاديث موضوعة، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: اتهم كثيرا. اهـ وقال الإمام الذهبي في السير: هذا حديث منكر، وأبو مسلم ليس بمعتمد. اهـ وفي كتاب العظمة لـ أبي محمد الأصبهاني بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا من اليهود أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم، هل احتجب الله عن خلقه السماوات والأرض؟ قال: نعم بينه وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابا من ظلمة وسبعون حجابا من رفارف الاستبرق، وسبعون حجابا من رفارف السندس، وسبعون حجابا من در أبيض، وسبعون حجابا من در أحمر، وسبعون حجابا من در أصفر، وسبعون حجابا من در أخضر، وسبعون حجابا من ضياء استضاءه من صفوة النار والنور، وسبعون حجابا من ثلج، وسبعون حجابا من ماء، وسبعون حجابا من برد، وسبعون حجابا من عظمة الله عز وجل التي لا توصف. قال الهيتمي بعد أن ذكر هذا الحديث: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد المنعم بن إدريس كذبه أحمد . وقال ابن حبان : كان يضع الحديث. وهذه الأحاديث الواهية في تفصيل أمر الحجاب وعدده، وأما أصل الحجاب فثابت في صحيح مسلم ومسند أحمد وغيرهما من حديث أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه. قال الإمام النووي في شرح مسلم: والمراد بما انتهى إليه بصره من خلقه: جميع المخلوقات؛ لأن بصره سبحانه وتعالى محيط بجميع الكائنات، ولفظة "من" لبيان الجنس لا للتبعيض والتقدير، لو أزال المانع من رؤيته وهو الحجاب المسمى نورا ونارا وتجلى لخلقه لأحرق جلال ذاته جميع مخلوقاته. والله أعلم. اهـ ومن خلال ما سبق يعلم أن الملائكة لم تر الله تعالى. وننبه إلى أن الحجاب المذكور هو حجاب للخلق عن ربهم، لا أنه يحجب الله تعالى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما حجبها لله عن أن يرى ويدرك فهذا لا يقوله مسلم، فإن الله لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء... اهـ والله أعلم.