هل الأولى العلم أم الجهاد؟

0 168

السؤال

أنا طالب علم، وما يحدث للإسلام والمسلمين لا يرضاه العقل والقلب، فهل من الأولى العلم أم التفرغ والبحث عن سبل للدفاع عن الدين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فاعلم أن العلم بالدين هو من أهم الأسلحة في الدفاع عنه، والله تعالى حين أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار أمره ابتداء أن يجاهدهم بالقرآن في مكة قبل أن ينزل الجهاد بالسيف، فقال تعالى في سورة الفرقان: فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا {الفرقان: 52}.

قال ابن جرير: ولكن جاهدهم بهذا القرآن جهادا كبيرا، حتى ينقادوا للإقرار بما فيه من فرائض الله، ويدينوا به، ويذعنوا للعمل بجميعه طوعا وكرها. اهـ.

وقال الألوسي في روح المعاني بعد أن بين أن هذه الآية نزلت في مكة قبل الأمر بالجهاد بالسيف: ويستدل بالآية على الوجه المأثور على عظم جهاد العلماء لأعداء الدين بما يوردون عليهم من الأدلة، وأوفرهم حظا المجاهدون بالقرآن منهم. اهـ.

وقال ابن القيم في كتاب الفروسية: وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بجدال الكفار والمنافقين، وجلاد أعدائه المشاقين والمحاربين، فعلم الجدال والجلاد من أهم العلوم، وأنفعها للعباد في المعاش والمعاد، ولا يعدل مداد العلماء إلا دم الشهداء، والرفعة وعلو المنزلة في الدارين إنما هي لهاتين الطائفتين، وسائر الناس رعية لهما، منقادون لرؤسائهما. اهـ.

وقال في مفتاح دار السعادة: قال ابن مسعود: عليكم بالعلم قبل أن يرفع، ورفعه هلاك العلماء، فوالذي نفسي بيده ليودن رجال قتلوا في سبيل الله شهداء أن يبعثهم الله علماء؛ لما يرون من كرامتهم. اهـ.

فالأولى بك -أخي السائل- أن تستمر وتجتهد في طلب العلم ما دمت في الأصل طالبا له، وتحرص مع ذلك على نشره، ومقارعة أهل الباطل به، وإن تيسر لك مع طلب العلم ونشره أن تجاهد بطريق آخر، فهذا خير وبركة، وأما أن تترك طلب العلم، فإن هذا ليس صوابا من الرأي في زمن حاجة الأمة فيه إلى العلم فوق كل حاجة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة