السؤال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سألته أم سلمة: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال: نعم إذا كثر الخبث ـ فكيف يهلك الصالحون مع أن الرجل لا يكون صالحا مهتديا حتى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ وقد قال الله: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ـ وقال: قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد يكون الرجل صالحا في نفسه وليس مصلحا لغيره، وليس من شرط الصالح أنه لا يقع في معصية، بل تقع المعصية حتى من الرجل الصالح، فقد يكون الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر متعينا عليه، ومع ذلك يقصر فيه، وحديث: أنهلك وفينا الصالحون؟ ورد عن عائشة أيضا بلفظ: إذا ظهر السوء في الأرض، أنزل الله بأسه بأهل الأرض, قلت: يا رسول الله وإن كان فيهم صالحون؟ قال: نعم, وإن كان فيه صالحون, يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى رحمة الله ومغفرته.
ورواه أيضا أحمد في المسند بلفظ:... فقلت: يا رسول الله، أما فيهم يومئذ أناس صالحون؟ قال: بلى.
وفي لفظ لابن حبان في صحيحه: يا عائشة إن الله إذا أنزل سطوته بأهل نقمته وفيهم الصالحون، فيصابون معهم، ثم يبعثون على نياتهم وأعمالهم.
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر بأن فيهم صالحين، قال القرطبي في التذكرة: إذا كثر المفسدون وقل الصالحون هلك المفسدون والصالحون معهم إذا لم يأمروا بالمعروف ويكرهوا ما صنع المفسدون، وهو معنى قوله: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة. اهـ.
والله أعلم.