السؤال
ما حكم من حلف أن لا يقع في معصية الاستمناء، ونذر إن فعلها أن يصوم ثلاث مرات عن كل فعل، ويشك أنه حلف على نوع محدد من الاستمناء، وهو الضغط بالفخذين، وليس على كل إنزال، فمثلا: من حلف أن لا يضغط على أعضائه حتى لا يصل للإنزال ثم فكر في الشهوة وأنزل بالتفكير فقط، ويعتقد أنه قد حدث احتكاك بسيط دون قصد، وليس الضغط الذي يشك أنه حلف على تركه، فهل حنث بذلك؟ وهل بكل احتكاك يحنث؟ أم بالضغط على الأعضاء التناسلية كما يغلب ظن الحالف على صيغة يمينه، ثم إنني لا أعلم هل كان الخارج مذيا أو منيا؟ وحاليا لا أقوى إلا على صيام شهر رمضان وبصعوبة... وليس لي دخل شهري لأخرج الكفارات.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معصية الاستمناء تشمل كل الأفعال التي يفعلها الإنسان بنفسه بذلك القصد، كما بينا في الفتويين رقم: 17466 ورقم: 309424.
وبناء عليه، يعلم تحريم جميع الأفعال المفضية لخروج المني، وأنه يدخل في هذا الاستمتاع بالتفكير المصاحب لبعض الاحتكاك، وأما التفكير المجرد عن أي فعل يصاحبه فراجع فيه الفتوى رقم: 145589.
وإن كنت نويت بحلفك نوعا خاصا من هذه الأفعال المحرمة كالضغط على الأعضاء التناسلية فقط، فإن نيتك معتبرة، لأن اليمين على نية الحالف، فقد ذكر أهل العلم أن النية تخصص اللفظ العام وتقيد اللفظ المطلق، إذا كان اللفظ يحتمل ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وخصصت نية الحالف وقيدت. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية ـ وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له، فالموافق للظاهر أن ينوي باللفظ موضوعه الأصلي قبل أن ينوي باللفظ العام العموم، وبالمطلق الإطلاق، وبسائر الألفاظ ما يتبادر إلى الأفهام منها، والمخالف يتنوع أنواعا: أحدها أن ينوي بالعام الخاص.. ومنها أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه، ومنها أن ينوي بيمينه غير ما يفهمه السامع منه ـ كما ذكرنا في المعاريض ـ ومنها أن يريد بالخاص العام... اهـ.
وأما عن هذا النوع من النذر: فإنه يعد من نذر اللجاج، الذي يخير فيه بين الوفاء والكفارة، كما قدمنا في الفتويين رقم: 12399، ورقم: 13349.
فإذا كان الصوم يشق عليك فيمكنك العدول عنه إلى كفارة اليمين.
وأما عن مسألة غلبة الظن: فإن الأصل هو العمل باليقين، فإن تعذر أو تعسر قامت غلبة الظن مقام اليقين، قال المقري في قواعده: المعتبر في الأسباب، والبراءة، وكل ما ترتبت عليه الأحكام: العلم، ولما تعذر أو تعسر في أكثر ذلك أقيم الظن مقامه، لقربه منه. اهـ.
وقال الشاطبي في الاعتصام: الحكم بغلبة الظن أصل في الأحكام. اهـ.
والله أعلم.