السؤال
لقد رزقني الله حج بيته الحرام العام الماضي -ولله الحمد- ولكني فعلت شيئا من محظورات الإحرام، فقد دخلت مكة محرمة، ثم التقيت بزوجي، وكان قد سافر لعمله قبلها، وكنا عروسين جديدين، وحدث بيننا جماع –للأسف- قبل أن أؤدي مناسك العمرة، وأتحلل من الإحرام، وكنا قد نسينا تماما أني محرمة، وأن الجماع لا يجوز، وبعد أن أديت مناسك العمرة، تذكرت أني فعلت ما يبطل الإحرام؛ فذهبت إلى التنعيم، وقمت بعمرة أخرى، وتمتعت بها إلى الحج، ثم سأل زوجي أحد العلماء، فقال له: إن علي فدية، ثم سمعت أحد الشيوخ يقول: إن من فعل شيئا من محظورات الإحرام ناسيا، أو جاهلا، فليس عليه شيء، وقرأت أيضا أن الفدية يجوز أن تكون صيام ثلاثة أيام؛ فصمت ثلاثة أيام، فهل حجتي صحيحة أم باطلة؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال كما وصفت من كون الجماع حصل وأنت ناسية لإحرامك، فلا إثم عليك، ولا كفارة, وعمرتك التي تمتعت بها إلى الحج صحيحة، ولم يكن يلزمك الخروج إلى التنعيم، ولا غيره، فإن الراجح أن من فعل أي محظور من محظورات الإحرام -سواء كان الجماع أم غيره- ناسيا أو جاهلا، لا شيء عليه، ودليل ذلك قوله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا {البقرة:286}، وقال الله في جوابها: قد فعلت. أخرجه مسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وأما ما فعلته من المحظورات، ولنفرض أن زوجها جامعها، والجماع في النسك هو أعظم المحظورات، فإنه لا شيء عليها؛ لأنها جاهلة، وكل إنسان يفعل محظورا من محظورات الإحرام جاهلا، أو ناسيا، أو مكرها، فلا شيء عليه. انتهى.
وقال- رحمه الله- في تعليقه على الكافي: المؤلف يقول: من جامع فسد حجه، وعليه بدنة، سواء كان جاهلا أو عالما، عامدا أو ناسيا.
أما قوله: فسد حجه، فهذا يكاد يكون كالإجماع من الصحابة -رضي الله عنهم-، وأما لزوم البدنة، فقال بها أيضا الصحابة، روي عنهم عن عدة منهم، ولم يرو عن غيرهم خلافه.
وأما كونه جاهلا أو عالما، عامدا أو ناسيا، فهذا ليس بصحيح، والصحيح أنه لا يترتب على الجماع شيء من أحكامه إلا إذا كان عالما، ذاكرا، غير مكره؛ لأن هذه هي القاعدة في جميع محظورات العبادات، كل محظورات العبادات لا يمكن أن يترتب أثرها إلا بهذه الشروط الثلاثة: العلم، والذكر، وعدم الإكراه. انتهى.
وعليه؛ فلا شيء عليك إذا كان الحال كما وصفت.
والله أعلم.