0 156

السؤال

خلق الله كله حسن، فما الحكم إذا قال شخص عن أحد المخلوقات: إنها بشعة، أو قال لشخص: إنه قبيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فمعنى كون خلق الله كله حسنا أنه كله ناشئ عن حكمة أحكم الحاكمين، فهو سبحانه قد أحسن كل شيء خلقه، فخلقه كله متقن بديع، قال الصنعاني في شرح الحديث: كل خلق الله حسن ـ أي: كل مخلوقاته حسن لا عيب فيه، ولا قبح، بل هو عن حكمة، وإتقان. انتهى.

وقد قال تعالى: الذي أحسن كل شيء خلقه {السجدة:7}.

وبين العلماء أن معناها هو ما ذكرناه من كون المخلوقات كلها حسنة بإضافتها إلى فعل الرب تعالى، فخلقه لها حسن؛ لأنه جار على مقتضى الحكمة، وإن كان بعضها غير حسن في نفسه، قال الشوكاني: والمعنى أحسن كل شيء في خلقه، ومعنى الآية: أنه أتقن وأحكم خلق مخلوقاته، فبعض المخلوقات وإن لم تكن حسنة في نفسها، فهي متقنة محكمة، فتكون هذه الآية معناها معنى: أعطى كل شيء خلقه. انتهى.

وقد أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن ابن عباس في تفسير هذه الآية أنه قال: أما رأيت القردة ليست بحسنة، ولكنه أحكم خلقها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: أحسن كل شيء خلقه ـ قال: أحسن بخلق كل شيء -القبيح، والحسن، والحيات، والعقارب، وكل شيء مما خلق- وغيره لا يحسن شيئا من ذلك.

والحاصل أن الخلق بإضافته إلى الله حسن، ففعل الله تعالى حسن بلا شك.

وأما المخلوق: فقد يكون حسنا، وقد يكون قبيحا، وإنما خلقه الله على هذا الوجه لما له في ذلك من الحكمة البالغة، ومن ثم؛ كثر في النصوص وصف أشخاص بدمامة الخلقة، ونحو ذلك، كما في وصف زاهر في حديث أنس، وفيه: وكان رجلا دميما.

وفي قصة ثابت بن قيس ومخالعته امرأته أنها كرهته لكونه كان رجلا دميما، إلى غير ذلك من النصوص، فتبين بما ذكرناه أن وصف الشخص بالقبح، أو وصف المخلوق المعين بالبشاعة لا حرج فيه، إن كان على جهة الإخبار بذلك، مع ضرورة اعتقاد أن خلق الله له على هذه الصورة حسن، ففعل الله حسن بلا شك؛ لكونه جاريا على مقتضى الحكمة.

ويجب التنبه إلى أنه لا يجوز تعيير أحد بقبح صورته، كما هو غني عن البيان لشهرة أدلته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات