0 520

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع وبعد:
فهل صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنا نبش في وجوه قوم قلوبنا تلعنهم) ومن الذي روى الحديث؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فهذا الأثر لا يصح حديثا، وفي سنده إلى أبي الدرداء ضعف، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه (باب المداراة مع الناس، ويذكر عن أبي الدرداء: إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم)، ومعنى نكشر: نبتسم. وأورده مسندا إلى أبي الدرداء الإمام البيهقي في شعب الإيمان، ولفظه: إنا لنكشر في وجوه أقوام، ونضحك إليهم، وإن قلوبنا لتلعنهم. وأورد الإمام البخاري تحت التبويب السابق عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثم ألنت له في القول؟! فقال: أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه والحديث رواه مسلم أيضا. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وأشار المصنف بالترجمة (أي التبويب) إلى ما ورد فيه -أي الأحاديث- على غير شرطه، واقتصر على إيراد ما يؤدي معناه، فما ورد فيه صريحا حديث لجابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مداراة الناس صدقة أخرجه بن عدي والطبراني في الأوسط، وفي سنده يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفوه، وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به، وأخرجه ابن أبي عاصم في آداب الحكماء بسند أحسن منه. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس أخرجه البزار بسند ضعيف. قوله ويذكر عن أبي الدرداء إنا لنكشر الساكنة وكسر المعجمة، قوله: في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم، كذا للأكثر بالعين المهملة واللام الساكنة والنون، وللكشميهني بالقاف الساكنة قبل اللام المكسورة ثم تحتانية ساكنة من القلا بكسر القاف مقصور وهو البغض، وبهذه الرواية جزم ابن التين ومثله في تفسير المزمل من الكشاف، وهذا الأثر وصله ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي في غريب الحديث والدينوري في المجالسة من طريق أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء، فذكر مثله وزاد: ونضحك إليهم، وذكره بلفظ اللعن ولم يذكره الدينوري في إسناده جبير بن نفير. والكشر بالشين المعجمة وفتح أوله ظهور الأسنان، وأكثر ما يطلق عند الضحك، والاسم الكشرة كالعشرة. قال ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة، وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغلط، لأن المداراة مندوب إليها والمداهنة محرمة، والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه، والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه، حيث لا يظهر ما هو في، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه. انتهى كلام الحافظ. وقال الإمام الغزالي في الإحياء: ولكن هذا ورد في الإقبال وفي الكشر والتبسم، فأما الثناء -أي على الفاسق- فهو كذب صراح، ولا يجوز إلا لضرورة أو إكراه يباح الكذب بمثله، كما ذكرناه في آفة الكذب، بل لا يجوز الثناء ولا التصديق ولا تحريك الرأس في معرض التقرير، على كل كلام باطل، فإن فعل ذلك فهو منافق، بل ينبغي أن ينكر، فإن لم يقدر فيسكت بلسانه وينكر بقلبه. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة