السؤال
توفى أبي -رحمة الله عليه- منذ 7 سنوات، وبعد الوفاة اكتشفنا أن عليه مبلغ 1000 جنيه لشركة الاتصالات، فهل يعتبر عمله معلقا كل هذه المدة؟ وما حكم الشرع في هذا؟ أفيدوني؛ لأني في حال سيئ للغاية.
توفى أبي -رحمة الله عليه- منذ 7 سنوات، وبعد الوفاة اكتشفنا أن عليه مبلغ 1000 جنيه لشركة الاتصالات، فهل يعتبر عمله معلقا كل هذه المدة؟ وما حكم الشرع في هذا؟ أفيدوني؛ لأني في حال سيئ للغاية.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الدين باق في ذمة الميت حتى يؤدى عنه، وقد ورد ما يدل على أن نفس الميت تبقى معلقة بعد موته حتى يقضى عنه دينه، ففي المسند، والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه، حتى يقضى عنه. حسنه الترمذي، وصححه السيوطي.
لكن نص أهل العلم على أن هذا الوعيد هو في حق من كان له مال، ولم يوف منه الدين، أو من استدان ولم يكن عازما على القضاء، جاء في نيل الأوطار عند كلامه على الحديث السابق: وهذا مقيد بمن له مال يقضى منه دينه، وأما من لا مال له، ومات عازما على القضاء، فقد ورد في الأحاديث ما يدل على أن الله تعالى يقضي عنه، بل ثبت أن مجرد محبة المديون عند موته للقضاء، موجبة لتولي الله سبحانه لقضاء دينه، وإن كان له مال ولم يقض منه الورثة، أخرج الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا: من دان بدين، في نفسه وفاؤه، ومات، تجاوز الله عنه، وأرضى غريمه بما شاء؛ ومن دان بدين، وليس في نفسه وفاؤه، ومات، اقتص الله لغريمه منه يوم القيامة ...،
ومما يدل على هذا المعنى، ما في المسند عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقفه بين يديه، فيقال: يا ابن آدم، فيم أخذت هذا الدين، وفيم ضيعت حقوق الناس؟ فيقول: يا رب، إنك تعلم أني أخذته فلم آكل، ولم أشرب، ولم ألبس، ولم أضيع، ولكن أتى على يدي: إما حرق، وإما سرق، وإما وضيعة، فيقول: الله عز وجل: صدق عبدي، أنا أحق من قضى عنك اليوم، فيدعو الله بشيء، فيضعه في كفة ميزانه، فترجح حسناته على سيئاته، فيدخل الجنة بفضل رحمته". وأخرج البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه؛ ومن أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله". اهـ.
وعلى هذا؛ إذا كان هذا الميت له مال، فيجب أن يسدد منه دينه، وقد بينا الحكم فيما إذا قسم الورثة التركة، ثم ظهر دين على الميت، وذلك في الفتوى رقم: 125065.
وإذا لم يكن للمتوفى مال، وتطوع ورثته بأن يسددوه عنه، فذلك من عمل الخير والبر بالنسبة لهم، يثابون عليه، وإن لم يكن شيء من ذلك، فنرجو أن يدخل في معنى الأحاديث المشار إليها سابقا.
والله أعلم.