إذا قلت: "خلاص لن أفعل كذا يا رب، أو قلت يا رب لن أفعل كذا" فهل هذا عهد مع أني لم أقل: أعاهدك يا رب، أو أعدك يا رب.
وإذا كان عهدا فهل تجب علي كفارة في كل مرة أفعل هذا الشيء؟
إذا كنت أشاهد بعضا من صفحات، وقلت: يا رب، خلاص ما أدخل الصفحة هذه، وكان في قلبي شيء من الالتزام، وكان شيء يقول في قلبي: هذا عهد، وأنا لم أتلفظ بأعاهدك يا رب، أو شيء من هذا، ودخلت الصفحة كثيرا، وقلت: أنا لم أقل أعاهدك يا رب، علما أنه كان كثيرا ما يأتيني وساوس تشككني في أني قلت: أعاهدك، وأنا لا أتذكر أني قلتها.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الألفاظ المذكورة في السؤال لا تعتبر من العهد الذي هو بمنزلة الحلف، وتجب فيه الكفارة إذا حنث قائلها.

والعهد الذي تجب الكفارة بالحنث هو الحلف بعهد الله، مثل قوله: وعهد الله، أو أحلف بعهد الله، أو علي عهد الله وميثاقه... ؛ قال ابن قدامة في المغني: إذا حلف بالعهد، أو قال: وعهد الله، وكفالته، فذلك يمين، يجب تكفيرها إذا حنث فيها. وسبق أن بينا في الفتوى رقم: 7375، أن نقض عهد الله كفارته كاليمين مع التوبة.

والواجب على المسلم أن يغض بصره عن المحارم، وأن يكف سمعه عن المآثم؛ قال الله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم {النور:30}، وعليه أن يتقي الله، ولا يتعرض لمساخطه، فإن الموت يأتي فجأة، والله سائل كل إنسان عما فعله في الدنيا، قال الله تعالى: وقفوهم إنهم مسئولون {الصافات:24}.

وقد بينا حرمة مشاهدة المواقع الخليعة، وعلاج هذه الآفة والتخلص منها في جملة من الفتاوى، انظري مثلا الفتاوى التالية أرقامها: 26620، 27367، 27402.

وكون الألفاظ المذكورة لا تجب الكفارة بالحنث فيها؛ فإن ذلك لا يعفي صاحبها من الإثم بالكذب فيما قال، وبمشاهدة الحرام؛ ولذلك فإن عليك الإقلاع عن مشاهدة الحرام، والمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى مما مضى؛ فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

والله أعلم.