السؤال
هل يجوز أن أقول: ليتني ما فعلت المعصية الفلانية؟ أم أقول: قدر الله وما شاء فعل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يقول فيما لا يحب أن يكون فعله: ليتني لم أفعل كذا، أو ليتني لم أفعل المعصية، كما يجوز له أن يقول: ليتني فعلت كذا فيما يحب أن يكون فعله، فقد جاء في الصحيحين عن كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلفه عن غزوة تبوك قوله: فيا ليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي.
فليت حرف يفيد التمني؛ فيجوز التمني به فيما يجوز التمني فيه، ويحرم التمني به فيما يحرم التمني فيه، وكذلك (لو) قد تأتي بمعنى (ليت) فتفيد التمني؛ كما جاء في الحديث المرفوع: لو أن لي مالا لعملت كما يعمل فلان. وانظر الفتوى رقم: 55397.
ولذلك يجوز لك أن تقول: ليتني لم أفعل كذا.
وأما قولك: قدر الله وما شاء فعل، فإن كنت تقوله تأسفا وندما وحزنا لما وقع من فعل المعصية أو لما فاتك من فعل الطاعة، فهذا من باب الاحتجاج بالقدر على المصيبة، لا على المعصية وهو مشروع؛ قال ابن عثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى والرسائل: فهذا ليس احتجاجا بالقضاء والقدر على فعل العبد ومعصية العبد، لكنه احتجاج بالقدر على المصيبة الناتجة من فعله، فهو من باب الاحتجاج بالقدر على المصائب لا على المعائب ....والاحتجاج بالقدر على المصائب لا بأس به. انتهى
وقال أيضا: مثال آخر: ما تقولون في رجل أصاب ذنبا وندم على هذا الذنب وتاب منه، وجاء رجل من إخوانه يقول له: يا فلان؛ كيف يقع منك هذا الشيء؟ فقال: هذا قضاء الله وقدره، فهل يصح احتجاجه هذا أو لا؟ نعم يصح، لأنه تاب، فهو لم يحتج بالقدر ليمضي في معصيته، لكنه نادم ومتأسف. انتهى .
أما قول ذلك على وجه الاحتجاج بالقدر على المعصية فإنه لا يجوز؛ قال ابن عثيمين: الاحتجاج بالقدر على المعصية محرم، كقول المشركين: سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا {الأنعام: 148} وقولهم: لو شاء الرحمن ما عبدناهم {الزخرف: 20}. وانظر الفتوى: 286309.
والله أعلم.