السرّ الذي أُمر الشخص بكتمانه أمانة عنده

0 120

السؤال

شكرا على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا.
أنا أعمل في المملكة العربية السعودية منذ 3 أعوام، ووالدي أيضا منذ 30 عاما، ولكن تغيرت أحواله المادية كثيرا، وأخبرني بسر، وطلب مني أن أحتفظ به، وأريد أن أخبر والدتي به لمصلحته؛ لأنه منذ عام ونصف تقريبا متقاعد عن العمل بسبب سوء الأحوال، وخلال هذه المدة حتى الآن كلما سألته عن أحواله يقول: خيرا إن شاء الله، حتى ضغطت عليه فتكلم، وقال لي: منذ عدة سنوات كانت هناك امرأة تقول: إن لديها كنزا من الذهب تحت الأرض، واتفقت مع أبي أن له نصيبا في هذا الكنز، ومرت الأيام والسنون وأتت هذا المرأة بشيخ، وأخرجت نصيبها، وقالت له: ابحث عن شيخ يخرج لك نصيبك؛ ﻷن هذا الكنز عليه حارس من الجن، وظل فترة -سنة ونصفا- يأخذ مني قرابة الألفي ريال كل شهر ولا أدري لماذا، وقال لي: إن الشيخ طلب منه أن يشتري بخورات وتعامل مع شيوخ كثر.
أبي له صديق في دولة توجو لديه 300 كيلو من الذهب، ويريد أبي أن يأتي له بشخص ثقة من المملكة ليشتري الذهب من هناك، ويخرج به بأوراق رسمية من دولة توجو، وعندما يأتي الرجل الثقة إلى المملكة سيبيع الذهب، ويعطي أبي جزءا من سعره؛ حيث إنه اتفق معه على مبلغ معين، فهل هذا يجوز؟ و هذا هو السر الذي لا يريدني أن أخبر أمي وإخواني به؛ لأنهم قلقون عليه للغاية، وكلما سألوني لا أستطيع الرد، فإذا أخبرتهم فهل أكون خائنا للأمانة؟ وشكرا لكم، وآسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد سبق أن بينا حرمة الاستعانة بالسحرة، والجن في استخراج الكنوز، كما في الفتوى رقم: 294388.

وأما سؤالك: (أبي له صديق في دولة توجو لديه 300 كيلو من الذهب، ويريد أبي أن يأتي له بشخص ثقة من المملكة ليشتري الذهب من هناك، ويخرج به بأوراق رسمية من دولة توجو، وعندما يأتي الرجل الثقة إلى المملكة سيبيع الذهب، ويعطي أبي جزءا من سعره؛ حيث إنه اتفق معه على مبلغ معين، فهل هذا يجوز؟)

فإن هذا من قبيل الوساطة التجارية -السمسرة- وهي جائزة من حيث الأصل، والسمسرة تعد من باب الجعالة الجائزة، لكن مذهب جمهور العلماء أنه يشترط لصحة أجرة السمسار -الجعل- أن تكون معلومة، فلا يجوز أن تكون نسبة من ثمن المبيع، إذا كان غير معلوم للطرفين عند العقد؛ لأنها حينئذ جعالة بمجهول، وانظر في بيان هذا الفتوى رقم: 99072

ومن المؤكد أنه يشترط في الوساطة لبيع ما أن يكون البيع جائزا شرعا، فإن كان محرما، فلا تجوز الوساطة فيه.

وأما إخبار والدتك وإخوتك بسر أبيك: فإن الأصل أن السر الذي أمر الشخص بكتمانه أمانة عنده، يجب عليه حفظه، وإفشاؤه خيانة محرمة، جاء في شرح صحيح البخاري للقسطلاني: باب حفظ السر) وهو ترك إفشائه؛ لأنه أمانة، وحفظها واجب. وعند ابن أبي شيبة من حديث جابر مرفوعا: إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت، فهي أمانة. وعند عبد الرزاق من مرسل أبي بكر بن حزم: إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة، فلا يحل لأحد أن يفشي على صاحبه ما يكره .اهـ. وانظر الفتوى رقم: 324040.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة