الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تبين لنا من خلال أسئلة سابقة، أن لديك بعض الوساوس، نسأل الله تعالى أن يشفيك منها, وننصحك بالإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها, فإن ذلك من أنفع علاج لها، وراجع للفائدة، الفتوى رقم: 3086.
ثم إذا كان الحال على ما ذكرت من كونك لم تعلم بوجود تلك النجاسة إلا بعد الصلاة, فإن صلاتك صحيحة، على أصح قولي العلماء, كما سبق تفصيله فى الفتوى رقم: 123577.
واكتشافك للنجاسة وأنت أثناء النافلة، لا يمنع صحة الفريضة المذكورة, فإن الفريضة قد اكتملت بمجرد التسليم منها, ولا علاقة لها بصلاة نافلة بعدها.
يقول الإمام النووي في المجموع: إذا قلنا يستحب التسليمة الثانية، فهي واقعة بعد فراغ الصلاة، ليست منها، وقد انقضت الصلاة بالتسليمة الأولى، حتى لو أحدث مع الثانية لم تبطل صلاته. انتهى.
الشاهد من هذا الكلام: أن الفريضة تنقضي بمجرد السلام منها.
مع التنبيه على أن من تذكر نجاسة ـ غير معفو عنها ـ وهو أثناء الصلاة, فإنها تبطل سواء كانت فريضة, أو نافلة.
يقول الحطاب المالكي: إذا ذكر نجاسة غير معفو عنها في الصلاة، فإنه يقطع سواء كانت فرضا أو نفلا. انتهى.
ثم إن النجاسة التي رأيتها، وذكرت أنها رأس إبرة، يسيرة, ينطبق عليها حكم يسير النجاسة, وهو معفو عنه على كل حال، بناء على ما رجحه بعض أهل العلم.
يقول المرداوي في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين العفو عن يسير جميع النجاسات مطلقا، في الأطعمة وغيرها، حتى بعر الفأر. انتهى.
وأما ضابط اليسير عنده، فهو ما لا يفحش في النفس، على ما قرره في شرح العمدة.
قال: والمشهور عنه ما يفحش في النفس؛ لأن ابن عباس قال في الدم: إذا كان فاحشا أعاد، ولأن التقدير مرجعه العرف، إذا لم يقدر في الشرع ولا في اللغة، قال الخلال: "الذي استقر عليه قوله: إن الفاحش ما يستفحشه كل إنسان في نفسه" وهذا هو ظاهر المذهب إلا أن يكون قطرة أو قطرتين، فيعفى عنه بكل حال؛ لأن العفو عنه لدفع المشقة، فإذا لم يستفحشه شق عليه غسله، وإذا استفحشه هان عليه غسله. انتهى.
وبناء على ما سبق، فإننا ننصحك بالابتعاد عن الوساوس, ولا يلزمك إعادة صلاتك سواء كانت فريضة, أو نافلة.
والله أعلم.