السؤال
عندنا عادة، وهي دعاء الجن عند الغضب من شخص معين.
مثل: -انفروا به، خذوه، (هذه الحالة الأولى دعاء مباشر للجن)، وبعضنا يقول: جعل الجن تأخذك، وإلا أخذوك الجن، جني أخذك، أو كسروا ظهرك ووو (هذه الحالة الثانية)
سؤالي هنا: ما حكم دعاء الجن في هذه الحالات؟ وهل يدخل في الشرك الأكبر؟ وهل تستوي الحالتان: أن يكون دعاء مباشرا، أو مثل الحالة الثانية؟
لأن أغلب الناس يعتقد أن الشياطين والجن موجودون حولهم، وفي كل مكان. فهم يقولون هذا كأنهم يأمرون الجن، ويتمنون أن يصيب من أمامهم بالأذى.
أيضا ما المقصود بدعاء الغائبين؟ من هم الغائبون؟
هل الغائبون من لا يراهم الإنسان؟ سواء كانوا من الذين يحضرون ولا يرون، أم من لم يكونوا موجودين آنذاك في المكان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأما الصيغة الأولى وهي: خذوه يا جن، أو انفروا به. فقد ذكر أهل العلم أنها من دعاء الجن، وأنها شرك أكبر.
قال ابن باز -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى، وهو يعدد أفعالا من الشرك الأكبر: كدعاء الجن، أو دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، فهذا نوع من الشرك الأكبر ... ومن أمثلة دعاء الجن أن يقول: افعلوا كذا، أو افعلوا كذا، أو أعطوني كذا، أو افعلوا بفلان كذا، وهكذا من يدعو أصحاب القبور، أو يدعو الملائكة ويستغيث بهم، أو ينذر لهم، فهذا كله من الشرك الأكبر. نسأل الله السلامة والعافية. اهـ.
وأما الصيغة الثانية والتي فيها مخاطبة الشخص بالدعاء عليه أن تأخذه الجن، فهذا داخل في الدعاء على الغير، ولا يجوز للمسلم أن يدعو على غيره ظلما وعدوانا، والدعاء ظلما لا يستجاب؛ لما فيه من الإثم والاعتداء، فقد قال الله عز وجل: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين {الأعراف:55}.
ومن دعا على غيره بدون حق، كان ظالما ومتعديا، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الله لا يستجيب دعاءه، ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم.
وأما المقصود بدعاء الغائب الذي عده أهل العلم من الشرك، فالمقصود به دعاء من لا يسمعك؛ لأن دعاءه في تلك الحال يكون عن اعتقاد أنه قادر له تصرف في الكون، أو أنه يعلم الغيب.
قال ابن باز رحمه الله تعالى: دعاء الغائب من غير الآلات الحسية، معناه اعتقاد أنه يعلم، وأنه يسمع دعاءك وإن بعدت، وهذا اعتقاد باطل، واعتقاد كفري ... أو تعتقد أن الله جعل له سرا في الكون، فيتصرف، يعطي من يشاء، ويحرم من يشاء. كما يظنه بعض الجهلة، فهذا أيضا شرك أكبر. اهــ.
هذا؛ وإننا لمسنا في أسئلة الأخت السائلة تكلفا، وتعمقا مذموما، وضربا من الوسوسة وتشقيق المسائل، فننصحها بعد تقوى الله تعالى بالكف عن هذا؛ فإنه مذموم، ولتنظر الفتوى رقم: 196487 حول النهي عن كثرة المسائل والتعمق فيها.
والله تعالى أعلم.