السؤال
نلاحظ في القرآن الكريم أن مراحل الخلق ثابتة، كما في جاء في سورة الحج، ولكن نلاحظ في سورة غافر (المؤمن) أن هناك عدم إشارة أو تجاوز لمرحلة من مراحل الخلق المذكورة في سورة الحج، وهي المضغة. فما هو وجه الإعجاز القرآني (لغويا وعلميا)؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أجمل الله -عز وجل- أطوار خلق الإنسان في مواضع من كتابه، وفصلها في مواضع أخر؛ لبيان قدرته -سبحانه وتعالى- على البعث وغيره، فمن مواضع الإجمال قوله تعالى: يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث [الزمر:6].
ومن الآيات التي أوضح الله فيها تلك الأطوار على التفصيل قوله تعالى في سورة الحج: يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم [الحج:5].
وقد ذكر الله تعالى تلك الأطوار مع حذف بعضها في سورة غافر، فقال: هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم [غافر:67].
والعلة في ذلك -والله أعلم-: أنه لما كانت آيات سورة الحج جاءت في معرض الرد على منكري البعث، اقتضت التفصيل في ذكر الأطوار كلها.
قال الكرماني في "البرهان في متشابه القرآن": وفصل في الحج فقال: فإنا خلقناكم من تراب -إلى قوله- ومنكم من يتوفى فاقتضى الإجمال الحذف، والتفصيل الإثبات، فجاء في كل سورة بما اقتضاه الحال. اهـ. والبلاغة: الإيجاز والإطناب.
قال الزمخشري- فيما نقله السيوطي في الإتقان-: كما أنه يجب على البليغ في مظان الإجمال أن يجمل ويوجز، فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل ويشبع. اهـ.
والله أعلم.