المفاضلة بين العفو عن الظالم والدعاء عليه

0 205

السؤال

خدعتني إحدى البائعات في مبلغ صغير، فهل أسامحها أم أدعو عليها، حيث أخذت الفلوس ولم تعطني المنتجات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز لك الدعاء على من ظلمتك بأخذ مالك بقدر مظلمتك، ويجوز لك العفو عنها، والعفو في الأصل أفضل، فقد رغب الشرع في العفو عن المسيء، ووعد على ذلك بالأجر الكبير، قال تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله {الشورى: 40}. وقال تعالى: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم {النور:22}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.

وأباح للمظلوم أن ينتصر من ظالمه، قال تعالى: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل {الشورى: 39ـ 41}.

ومن الانتصار من الظالم الدعاء عليه بقدر مظلمته دون تعد، قال الإمام أحمد رحمه الله: الدعاء قصاص، وقال: فمن دعا فما صبر أي فقد انتصر لنفسه. اهـ

والذي نرجحه أن العفو أفضل إلا إذا كان يؤدي إلى تمادي الظالم في ظلمه، فيكون الانتصار أفضل، جاء في كتاب بريقة محمودية: لكن قد يكون العدل أفضل من العفو بعارض موجب لذلك؛ مثل كون العفو سببا لتكثير ظلمه؛ لتوهمه أن عدم الانتقام منه للعجز، وكون الانتصار سببا لتقليله أو هدمه إذا كان الحق قصاصا مثلا أو نحو ذلك من العوارض مثل كونه عبرة للغير. اهـ باختصار.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والعافين عن الناس ـ يعني: الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإن من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا ولكنه بين قوله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله ـ أن العفو لا يكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه وأن تأخذ بحقك، لأنك إذا عفوت ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ قليل العدوان، لكن أمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة